إيران والسعودية: سباق الأبواب - TopicsExpress



          

إيران والسعودية: سباق الأبواب المقفلة والنوافذ المفتوحة السفير 2/12/2010 توفيق شومان يبدو المشهد السعودي من طهران متجلبباً بغبار حرب تُخاض على جبهات إقليمية متفرعة بين بغداد وبيروت، وتطال شظاياها، حيناً، الداخل الإيراني نفسه. ويبدو المشهد الإيراني من الرياض طافحاً بمحمول جمهورية طموحة «ترث تاريخاً امبراطورياً» لا يكاد يستغرقه خبو وأفول، حتى تستفحله اليقظة من جديد، وهو أمر كانت عليه الدولة الإيرانية الأولى المعروفة بالفيشدادية، فتلتها الكيانية، وأعقبتها الأشغانية، ولحقتها الساسانية، وتبعت الدول الإيرانية الأربع في بداية القرن السادس عشر الميلادي، الدولة الصفوية، وصولاً إلى الدولة الشاهنشاهية التي أسقطتها الدولة الشيعية الإمامية في العام 1979. غير أن اللحظة الإيرانية ـ السعودية الراهنة، القائمة على فيض من التمحور، لا تختزل التاريخ السياسي الحديث لعلاقات الرياض وطهران وإن كانت تتضمنه، فتقاطعات الاستراتيجية، حينا، والتكتيكية في حين آخر، بين الثنائي الخليجي، أرخت تعبيراتها العملانية في مراحل عدة، قبل الثورة الإسلامية في إيران كما كان الأمر في العقدين السابقين على إسقاط الشاه محمد رضا بهلوي، وبعد الثورة كما هي حال التسعينيات من القرن الماضي، وليتموضع التمحور بين الطرفين ابتداء من آواخر العام 2004. مراحل تشابك الأضلاع بالعودة إلى ذاكرة العلاقات السعودية ـ الإيرانية، تتقدم إلى الواجهة مرحلة النصف الثاني من خمسينيات القرن العشرين، حيث أثقل «حلف بغداد» المشهد الإقليمي (الدورة الأولى للحلف في تشرين الثاني 1955 في بغداد ـ الدورة الثانية في طهران نيسان 1956 ـ زيارة الملك سعود بن عبد العزيز بغداد في أيار1957 حصل خلالها على تعهد بعدم اقتطاع أراضي الحجاز من المملكة) اعتماداًعلى استراتيجية تشابك الأضلاع التي سنتها بريطانيا وذهبت الولايات المتحدة إلى تطويرها بهدف مكافحة الشيوعية، وهو أمر أنتج عملياً تشابكاً في المصالح السعودية ـ الإيرانية رفدته لاحقاً تقاطعات المواجهة مع الإيديولوجيات الحادة التي تقدم سلطانها إلى مصر مع جمال عبد الناصر، وإلى العراق مع حزب البعث، وإلى اليمن الجنوبي مع الجبهة القومية المتمركسة بعد حين، وإلى ثورة ظفار في عُمان. في الواقع، لم يكن أمام طهران والرياض في المرحلة السابقة الذكر، غير خيار التفاعل الإيجابي، فـ «الدب الشيوعي» يربض على معظم الحدود الإيرانية، فضلاً عن طموحه في الوصول إلى المياه الدافئة في الخليج، وأما السعودية فإيديولوجيا البعث على حدودها من ناحية العراق، والشيوعيون قبضوا على عنق اليمن الجنوبي، وجمال عبد الناصر يحاربها في الشطر الشمالي من اليمن منذ العام 1962، تاريخ إسقاط الحكم الإمامي اليمني الموالي للسعودية. أما في جنوب المملكة، حيث ثورة ظفار المحتدمة منذ سنة 1965 في سلطنة عُمان، فقد أملت مصالح الأطراف الخليجية الثلاثة (عمان ـ السعودية ـ ايران ) تدخل الجيش الإيراني لإخماد الثورة ـ التمرد، عبر مشاركة أربعة آلاف جندي إيراني في العمليات العسكرية في إقليم ظفار منذ العام 1971وحتى تاريخ اجتثاث الثورة المدعومة من العراق واليمن الجنوبي في آواخر العام 1975. إن التقارب السعودي ـ الإيراني في المرحلة عينها، عرف انفلاشاً عصياً على الحصر، ففي العام 1965 توافق الطرفان على إقامة «الحلف الإسلامي»، واستقر القرار الفصل في منظمة «أوبك»بعد إنشائها على التفاهم بين الطرفين، واتفق الملك فيصل مع شاه إيران في مفاوضات عام 1968 على ترسيم حدود الجرف القاري، وفي 24 تشرين الاول عام 1968 وقعت السعودية وايران اتفاقية بهذا الخصوص، وحين عزمت بريطانيا على الانسحاب من الخليج في آوخر الستينيات من القرن الفائت، اعترض الجانبان على رغبة لندن بتشكيل دولة اتحادية تضم قطر والبحرين إلى الإمارات السبع (الإمارات الحالية)، وتم التوافق لاحقا على أن تكون البحرين حديقة خلفية للمملكة العربية السعودية (14 آب 1971)، مقابل اتفاق ايران مع امارة الشارقة (تشرين الثاني 1971) على حق إقامة قاعدة عسكرية في جزيرة أبو موسى، على أن تدفع مقابل ذلك لشيخ الشارقة خالد بن محمد القاسمي 1.5 مليون جنيه استرليني سنوياً, ويستمر الدفع لحين بلوغ دخل الشيخ من النفط 3 ملايين جنيه استرليني في السنة. وحول هذه المرحلة يلاحظ المؤرخ الروسي اليكسي فاسيلييف أن ارشيف المملكة العربية السعودية خال من أي بيان رسمي «يشجب» تقدم القوات الإيرانية نحو جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى، ولا يحمل ذلك سوى دلالة غزيرة المعنى، حيال عمق التفاهم السعودي ـ الإيراني آنذاك (تاريخ العربية السعودية ـ شركة المطبوعات ـ بيروت ـ طبعة العام 2000). ولا تبتعد جيسيكا دروم الباحثة المساعدة في معهد مونتيري للدراسات الدولية Monterey Institute of International Studies، ومركز جيمس مارتن لدراسات منع الانتشار النووي James Martin Center for Nonproliferation Studies، في دراسة لها بعنوان «التنافس من أجل النفوذ.. رد الفعل السعودي على البرنامج النووي الإيراني المتقدم» «Vying for Influence: Saudi Arabia’s Reaction to Iran’s Advancing Nuclear Program».. فتقول إن السعودية وإيران ارتبطتا بعلاقات تعاون قبل قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، حيث كان الشاه الإيراني محمد رضا بهلوي، والممملكة السعودية، حليفين للولايات المتحدة الأميركية في عهد الرئيس ريشارد نيكسون، استنادًا إلى» مبدأ نيكسون» بين الأعوام 1970-1975(تقرير واشنطن ـ العدد 177، 21 أيلول 2008). وأما المرحلة الثانية من التقارب السعودي ـ الإيراني، فيمكن تأريخها منذ لحظة الغزو العراقي للكويت في الثاني من آب 1990. فبعد أشهر قليلة من عملية الغزو اجتمع الملك عبد الله (ولي العهد السعودي الأميرـ آنذاك) بالرئيس الإيراني هاشمي رفسنجاني في داكار عاصمة السنغال، في كانون الأول 1990, واتفق الطرفان على إعادة فتح سفارتيهما في الرياض وطهران، ورفع مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى مستوى السفراء، اعتباراً من 2 آذار 1992. ومع تطور طي صفحة الماضي (عقد الثمانينيات) راح الجانبان يناقشان مستقبل العراق في مرحلة ما بعد الرئيس صدام حسين. وعمل رفسنجاني في أيلول 1993 على توطيد العلاقة مع المملكة بهدف زيادة إنتاح النفط الإيراني، وتجميد حصص الإنتاج بالنسبة للمملكة ودولة الإمارات العربية المتحدة. ونتيجة ذلك، ارتفعت حصة الإنتاج اليومي بالنسبة لإيران بمعدل 260000 برميل يومياً. وعلى ضفة أخرى من التفاهمات والتقاطعات الإيرانية ـ السعودية، عملت دمشق على تجسير الهوة بين الرياض وطهران في عقد التسعينيات، فالمثلث المصري ـ السعودي ـ السوري، الذي صاغ القرار العربي في العقد المذكور، أسهم في مزيد من الانفراجات على ضفتي الخليج، ورسم معالم أولى على طريق الانفتاح بين طهران والقاهرة أيضا. فالموقف السلبي المشترك من مخاطر مغامرات الرئيس صدام حسين، أفلح في تنحية التباينات وأثقال الثمانينيات بين الأطراف المعنية، كما أن التعقيدات التي بدأت تتلبد في فضاءات عملية التسوية الإقليمية بعد اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين في خريف العام 1995، أثمر تقارباً سعوديا ـ إيرانياً ملحوظاً، تجلت خطواته في الجولات المكوكية التي قام بها مساعد وزير الخارجية الإيرانية حينذاك مرتضى سرمدي، إلى العديد من العواصم العربية وعلى رأسها الرياض، في العام 1996، وتبعه وزير الخارجية علي أكبر ولايتي، وكل ذلك تم تتويجه بحضور ولي العهد السعودي الأمير عبد الله (الملك لاحقا ً) دورة منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقدة في طهران في كانون الأول من العام 1997، مع الإشارة هنا إلى أن انتقال عملية صنع القرار السعودي منذ العام 1996 إلى ولي العهد الأمير ـ الملك عبد الله، خلفت آثارها الإيجابية على التقارب مع طهران. ولعل التوقف ملياً مع مناخات هذا العام (1996 قمة شرم الشيخ والموقف السعودي الداعي إلى التفريق بين المقاومة والإرهاب ـ مجزرة قانا) يستدعي التأمل في تجاوز السعودية حملة الضغط على الرياض لدفعها إلى تبني خطاب واشنطن الذي يتهم طهران بالوقوف وراء انفجارات مدينة الخبر، وهو أمر استطاعت المملكة الإفلات من براثنه. ومع الانسداد المحكم لأفق عملية التسوية بعد العام 1998 وانهيار اتفاقية «واي ريفير»(واي بلانتشين 3ـ11ـ1998)، شهدت العلاقات السعودية ـ الإيرانية تطورات متعاقبة كان عنوانها توسيع سياسة النوافذ المفتوحة، ويمكن التطرق إلى أوجهها بالاجمال على الشكل التالي : 1: زيارة الرئيس الإيراني محمد خاتمي للرياض في أيار 1999. 2: تأسيس لجنة مشتركة بين البلدين لتفعيل التعاون الاقتصادي والتجاري، تنعقد سنويًا بصفة دورية كان أول اجتماعاتها في كانون الأول 1998. 3: وصول حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 2000 إلى ما يزيد على 500 مليون دولار، مع طموحات رفعه إلى مليار دولار. 4: إلغاء قرار حظر سفر الإيرانيين إلى الأراضي السعودية في غير رحلات الحج، مقابل سماح السلطات الإيرانية بفتح أبوابها أمام السعوديين دون الحاجة للحصول على تأشيرة دخول إذا كانت مدة إقامتهم في إيران لا تتجاوز ثلاثة أشهر. 5: إقامة أول معرض تجاري سعودي في إيران في تشرين الثاني 1999، كخطوت تفاعلية من الرياض تجاه إيران التي كانت أقامت ثلاثة معارض في السعودية في السنوات الثلاث السابقة. 6: معاودة رحلات الطيران الإيرانية إلى الرياض في منتصف 2000 والطيران السعودي إلى طهران في الشهر الأول من العام 2001. 7: توقيع اتفاق أمني إيراني ـ سعودي في طهران في 16 نيسان 2001 أشرف عليه وزيرا داخليتي البلدين، السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز ونظيره الإيراني عبد الواحد موسوي لاري، وتضمن بنودا في غاية الأهمية منها : مكافحة الجريمة المنظمة وتهريب المخدرات والأسلحة والبضائع والآثار المتعلقة بالتراث الثقافي وتزوير الوثائق والمستندات الرسمية، إضافة إلى تسليم المجرمين وقضايا وشؤون الحدود وتبادل المعلومات والخبرات في النواحي الأمنية والتعاون في مجال التدريب المشترك لرجال الأمن في الدولتين. 8: وصول حجم العلاقات التجارية بين البلدين إلى مليارين ونصف المليار ريال سعودي في العام 2004. مراحل اشتباك الأضلاع بدأت ملامح انكسار العلاقات السعودية ـ الإيرانية منذ ما قبل اندلاع الحرب بين العراق وإيران في العام 1980، وتُفضي العودة إلى وسائل الإعلام السعودية، قبيل انتصار الثورة الإيرانية وبعيدها، إلى قناعة عنوانها قلق الرياض من إسقاط الشاه محمد رضا بهلوي. وفور اندلاع الحرب على الجبهة الإيرانية ـ العراقية، مالت المواقف السعودية نحو بغداد، ثم استقر الموقف السعودي الرسمي على دعم مالي وسياسي غير محدود للعراق في حربه على إيران، وراحت الرياض في هذه المرحلة تعيد طباعة الكتب التي تتناول المسلمين الشيعة في التكفير والخروج عن دائرة الإيمان والإسلام، وظهرت آنذاك مجدداً كتب إحسان إلهي ظهير، ومحمد مال الله، ومحب الدين الخطيب، وردت طهران على التمحور السعودي العسكري ـ المذهبي ـ المالي ـ السياسي ضدها بالدعوة إلى تدويل مدينة مكة المكرمة وإخراجها من السيادة السعودية، مثلما صرح آنذاك رئيس الوزراء الإيراني «الإصلاحي « مير حسين موسوي، وجاءت أحداث الحج في العام 1987 حيث قتل مئات الحجاج الإيرانيين، لتعمق فجوة الاضطراب السعودي ـ الإيراني، وفي المرحلة نفسها اتهمت الرياض، طهران، بالضلوع في عمليات اغتيال دبلوماسييها في كل من أنقرة وكراتشي في أواخر 1988، وفي بانكوك أوائل 1989. وتبدو مرحلة اشتباك الأضلاع في فصلها الثاني ابتداء من العام 2004، قائمة على المتغيرات الطارئة في منطقة الشرق الأوسط، ومجملها متعلق بانبعاثات اللهيب الإيديولوجي الحاد من قبل المحافظين الجدد في إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش، وما صاحب ذلك من طموحات تغيير العالم وفق «الدبابة الديموقراطية «، وبإسقاط نظام البعث في العراق انفتحت التباينات السعودية ـ الإيرانية مجددا. وإذ جاء القرار 1559 ليطال حليفي إيران، سوريا وحزب الله، فإنه وسع من جهة أخرى، الدوائر والحفر بين الرياض وطهران، وانفرط ما تبقى من أواصر ثنائية بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري وإسقاط الاتهام المجاني والعبثي على دمشق، ومع فشل مؤتمر مكة للمصالحة الوطنية الفلسطينية بين حركتي «فتح «وحماس» في العام 2007، وانزياح «حماس» أكثر نحو حليفتها الإسترتيجية «طهران، تموقعت الرياض على فراغ الملف الفلسطيني من يدها، فيما حربا لبنان 2006 وغزة 2008 ـ 2009، جعلتا السعودية وإيران في خندقين متقاتلين. ولم تكن حرب الحوثيين في اليمن إلا احد تعبيرات الخنادق المتصارعة، وتزامن كل ذلك مع استعار المواجهة بين إيران والغرب حول البرنامج النووي ونقله إلى مجلس الأمن الدولي والشروع في مبدأ تطبيق العقوبات على إيران استنادا إلى القرار 1929 الصادر في حزيران 2010. هذا الاستعراض السريع لمرتكزات المواجهة بين طهران والرياض، عكسه الطرفان في مواقف خرجت عن أعراف الاستبطان الدبلوماسي، خاصة من الجانب السعودي، ولعل استحضار ارشيف الأعوام الثلاثة الماضية، يُغني عن كثير من الإسهاب والإطالة : 1: وزير الخارجية السعودية، سعود الفيصل، يتهم ايران بدعم «انقلاب» حزب الله في لبنان (بي بي سي 13 ايار 2008). 2: الوزير سعود الفيصل يقول: ايران تتدخل في شؤون اليمن (صحيفة الشرق الأوسط 18/1/2010). 3: الوزير الفيصل يقول: ايران تسيطر على جنوب العراق (محاضرة في معهد بيكر للدراسات في هيوستن ـ 12/9/2010). 4: الوزير الفيصل يرى أن بوادر تجدد الصراع في المنطقة تكشف بجلاء طبيعة «العدو» الذي تقاتله السلطات اليمنية، والأصابع التي تعبث بأمن المنطقة. ولم يعد خافيا لأي متتبع، النشاط الإيراني المتزايد في القرن الأفريقي بشكل خاص، والبحر الأحمر بشكل عام، واستمراره في تقديم الدعم للحوثيين عبر أشكال متعددة (صحيفة الوطن السعودية، 5 ايلول 2010 ). وفي السياق نفسه انتقد الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد تدخل السعودية في شؤون اليمن معتبرا «ان هذا التدخل يخدم مصالح القوى السلطوية الدولية».(وكالة مهر الإيرانية 14 ـ 1 ـ 2010 ). وفي ظل احتدام المواجهة بين الطرفين، نقلت محطة الجزيرة الفضائية (14 ـ 2 ـ 2010) عن مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان سعي الوزيرة هيلاري كليتون الى مقايضة الموقف الصيني في مجلس الأمن بالبترول السعودي، واعرب وزير الخارجية السعودية الامير سعود الفيصل عن شكه بجدوى فرض أي عقوبات جديدة مقترحة على إيران بسبب برنامجها النووي, وذلك في مؤتمر صحافي مشترك مع كلينتون في العاصمة السعودية (بي بي سي 16ـ 2 ـ 2010). وفي 27ـ 9 ـ 2009 كشفت صحيفة «صنداي اكسبريس» البريطانية عن اجتماع بين مسؤولين امنيين بريطانيين وسعوديين واسرائيليين لمناقشة الملف النووي الايراني والخيارات والجهود المطلوبة لمواجهة الجمهورية الاسلامية الايرانية، ونفى مصدر سعودي مسؤول ما نشرته الصحيفة اللندنية (نص الرد في صحيفة الرياض السعودية 30 ـ 9 ـ 2009). غير أن صحيفة «التايمز» أشارت إلى أن المملكة العربية السعودية وافقت على فتح ممر جوي ضيق فوق أراضيها للسماح للمقاتلات الإسرائيلية بالمرور لشنّ هجمات على إيران (12-06-2010 )، والخبر نفسه نشرته مجلة «دير شبيغل» الألمانية بتاريخ 18 آذار 2010، فتحدثت عن موافقة سعودية لضرب إيران، كما قامت من قبل بفتح حدودها وأجوائها لضرب العراق. وبحسب غريغوري جوس وهو أحد أبرز المتخصصين في شئون المملكة العربية السعودية فإن السياسة السعودية تعمل بالتوازي مع السياسة الأميركية، لكن في الظل (تقرير واشنطن عدد 105 ـ 21 نيسان ـ 2007). غير أن الخبر ـ الصاعقة، نشرته صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية (29-6-2010 ) إذ نقل الصحافي الشهير»جورج مالبرونو»، عن لسان العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز قوله: «دولتان في المنطقة لا تستحقان الوجود إسرائيل وإيران»... وعلى ما يؤكد مالبرونو فإن الملك السعودي أطلق الموقف ـ الصارخ على مسامع وزير الدفاع الفرنسي «أرفيه موران» في لقاء مشترك جمعهما في مدينة جدة السعودية في الخامس من حزيران 2010. وعلى ما ظهر لاحقاً، فإن معادلة الخنادق المتقاتلة، تحولت إلى جبهات مفتوحة بين الطرفين، فقد اتهم مساعد وزير الداخلية الايرانية علي عبداللهي، السعودية، بالترويج للفكر التكفيري في محافظة سيستان وبلوشستان، (قناة العالم ـ 19 ـ 7 ـ 2010 )، وكانت قناة «العالم « أشارت أيضا إلى لقاء جمع رئيس الإستخبارات السعودية الامير مقرن بن عبد العزيز مع مسعود رجوي رئيس منظمة «مجاهدي خلق» المدرجة على قائمة الإرهاب الدولية في العاصمة الاردنية عمان (4ـ 8ـ 2009). فيما اتهمت طهران الاستخبارات السعودية بتسليم العالم النووي الايراني شهرام اميري الذي كان يزور السعودية لأداء العمرة, بتسليمه الى الولايات المتحدة (سي ان ان 30 ـ 6ـ 2010). مقدمات لتصالح الأضلاع شكل الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد بالملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، قبل زيارة الأول العاصمة اللبنانية بيروت في الثالث عشر من تشرين الأول 2010، عنواناً مفتاحياً للدخول في قراءة استشرافية للعلاقات الإيرانية ـ السعودية، فالاتصال المذكور كشف عن مستورات بين الجانبين، قوامها الرغبة في الإقلاع عن بؤر التوتر،، والإرادة في صوغ مساحات مشتركة من شأنها تنظيم «مناطق الاشتباك» وإدارة مواقع النفوذ بما يحفظ للفريقين وجودهما، وذلك استناداً الى موازين القوى الموجودة، وعلى ما يبدو فإن هذه القناعة التي توصل إليها الطرفان، ناتجة عن إعادة قراءة لنتوءات المرحلة الاشتباكية وما أفرزته من عناصر هي: 1: عدم قدرة كل طرف من الطرفين على الحسم المطلق. 2: الاستمرار في سياسة الاشتباك يؤدي حكماً إلى «حروب مقدسة «بين السنة والشيعة، لا مصلحة لأحد في إشعالها وتغذيتها بصكوك الغفران. 3: إن تراجع المشروع الأميركي عن لبنان، وتالياً عن العراق، ولاحقاً عن أفغانستان، يجعل السعودية وإيران وجهاً لوجه، ويستقدم المواجهة المباشرة بينهما، حيث لا فوز ولا نصر فيها. وإلى هذه العناصر الثلاثة، فإن انكسار ايديولوجيا المحافظين الجدد وطموحاتهم المعولمة، فضلاً عن تلاشي عملية التسوية الإقليمية، وقناعة الرياض بابتعاد الخيار العسكري الأميركي للتعاطي مع طهران، وخشية الرياض أيضا من إبرام صفقة إيرانية ـ غربية تأتي على حسابها، انعكست كلها انفراجا في أفق العلاقات البينية لا يمكن إغفاله، ومن معالمه، التواصل السوري ـ السعودي العامل على تفكيك الصواعق اللبنانية، بحيث توافق طهران على ما تتوافق عليه دمشق والرياض لبنانياً، كما أن التوصل إلى حل إشكاليات الرئاسات الثلاث في العراق، والذهاب نحو اجتراح آليات مقبولة لتشكيل الحكومة العراقية بما يصون الدور السعودي ويحفظ أصدقاء الرياض العراقيين ويُسقطهم من قائمة اجتثاث البعث، من مثل صالح المطلك، وظافر العاني، وراسم العوادي. ولا يختلف المشهد الأفغاني عن نظيره العراقي، إذ يتوازن الحضوران السعودي والإيراني في النسيج السياسي والعرقي والمذهبي في أفغانستان، وهذا ما يُملي على الطرفين ضبط منسوب التوتر في هذا البلد الذي يخاصر إيران، بالتوازي مع الضبط نفسه في اليمن، حيث خاصرة السعودية. قد يكون من السابق لاوانه، رسم لوحة وردية عن مستقبل العلاقات السعودية ـ الإيرانية على قاعدة إطفاء أو تجفيف منابع الاحتقان كلها، غير أن طبيعة الظروف الراهنة، حافلة بتربة صالحة لو أجيد استغلالها لاستطاع الطرفان الانتقال فعلياً إلى مرحلة تصالح الأضلاع على ضفتي الخليج، وهنا... قد تفيد الإشارة إلى مفصلية الدور السعودي في هذه المرحلة، من خلال قرار يحسم موقف الرياض من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، فالحسم الإيجابي السعودي في هذا المفصل، يدفع نحو ارتياح الوضعية اللبنانية، ويفتح أفقاً رحباً بين سوريا والمملكة، ويزيل حجماً كثيفاً من الغبار المتلبد في فضاء العلاقات بين السعودية وإيران. ذلك أن موقفاً سعودياً بهذا الشأن، لن تقرأه سوريا وإيران إلا في سياق البادرة الحسنة ذات البشارة بالخروج من سياسة التمحور وصوغ شبكة علاقات إقليمية ـ دولية متوازنة، وهي بادرة أفلح رجب طيب أرودغان في التقاط مفاعيلها مبكراً... فغدا رمزاً له أناشيده وأغانيه، وله عناوينه المرحبة بالعثمانية الجديدة...
Posted on: Sat, 29 Jun 2013 17:55:18 +0000

Trending Topics



Recently Viewed Topics




© 2015