المقهى... عبدالهادي راجي المجالي بعد - TopicsExpress



          

المقهى... عبدالهادي راجي المجالي بعد الإفطار...أجلس دوما في مقهى على الدوار السابع...وفي بداية رمضان كان يأتينا طفل سوري يحمل (قطرميزا) صغيرا ويتقدم منا ويقول :-(عمي تشترى مئدوس حلبي كتير زاكي جرب بتحب اتجرررب)...أنا طبعا أكون مشغولا في (الطرنيب)..ولا أعيره إهتماما. ظل الأمر على هذه الحالة في الاسبوع الاول من رمضان، كل يوم يأتي هذا الطفل ويطوف على الطاولات جميعها...ومن ضمن الاشخاص الذين لفتت إنتباههم الظاهرة صديقنا الوزير السابق علي الغزاوي. في الأسبوع الثاني من رمضان تغير اسلوب الطفل..وتغيرت البضاعة، صار يأتيني والأغرب أنه صار يعرفني ويقول لي :- (إستاز...منور الله يحميك لشبابك) ثم يتقدم مني ويزيل بعض بقايا السكر على الطاولة، وصار يحمل سلة من القش و(قطرميزات) صغيرة مرتبة داخل السلة...وذات يوم في الأسبوع الثاني من رمضان أهداني علبة (مقدوس مجانية ) وقال لي :- (إستاز هادا مئدوس حلبي ما في منو بنوب ما بدي حئو بس جربو...) طبعا لأنني كنت مشغولا في (الهند ) وقتها قلت له :- ( يا عيل حل عني) واكتشفت أني خدشت مشاعره ثم ناديته، واضطررت لدفع ثمن العلبة..وتركه. أول أمس عاد ولكن بدون سلة القش وبدون مجموعة (القطرميزات) التي كان يحملها بين يديه، عاد ومعه (عرباية)..وعليها اضواء ومزينة جيدا ونظيفة، والطفل هو الاخر كان يرتدي ملابس جميلة ونظيفة...وقام بركن (العرباية) على الشارع، ثم تقدم مني وشممت عطرا يفوح منه..وهذا تطور ملفت، قال لي :- (كيفك إستاز....منور اليوم منور)...ثم وقف بجانبي قليلا، وأنا لم أكن وقتها في حالة (طرنيب) كنت بإنتظار مجموعة من الأصدقاء،بعد ذلك قال :- ( شفت أستاز البنت اللي بالأحمر..اللي كانت هونيك مبارح بالزاوية كانت تئول لصاحبيتا..هادا هو عبدالهادي المجالي).... أنا لحظتها أنتشيت ثم (عرشت)...والغريب أن أحدا لم يدخل المحل البارحة مرتديا اللون الأحمر والزاوية التي أشار إليها جميع من يجلس فيها (ذكور)..ولكني في لحظة تفكير قلت في داخلي :- إنه طفل ولا أظنه يكذب. ثم انهال علي بوابل من المديح، وحين انتهى قال لي :- ( إستاز المئدوس اللي معي اليوم حلبي...من الاخر بزيت بلدي عاملينو جديد مشتهيلك..علبه والله مخبيها مشانك..) وبعد ذلك استرسل في الحديث عن (المئدوس) وأنا أمام هذا الواقع وأمام حادثة البنت التي ترتدي الأحمر رضخت وقمت بشراء...(قطرميز) ثمنه ( 6) ليرات شندي بندي.. يبدو أن عقلية التاجر السوري تتطور، بالمقابل تتطور عقلية المستهلك الأردني أكثر... وطفل صغير في أول عمره أستطاع أن يجعلني اشتري منه أكثر من مرة على صعيد (المئدوس) الحلبي بحسب ما يصفه هو، فما بالنا في القطاعات الأخرى... السوري تاجر ذكي والمستهلك الأردني مستهلك قوي، يحب الشراء، وحادثتي مع هذا الطفل يجب أن نسقطها على واقع لجوء تحول في لحظة من (لجوء) إلى حركة تجارية ضخمة.. لا نعرف للان رقما حقيقيا عن حجم الإستثمارات السورية في عمان وعن القطاعات التي يعمل السوريون بها...ولكني سأقدم وصفا لحالي كمواطن أردني تأثر باللجوء السوري والوصف هو أني :- (هبيلة)...وأتمنى أن تكون دولتنا اذكى مني بكثير.
Posted on: Wed, 07 Aug 2013 11:39:30 +0000

Trending Topics



Recently Viewed Topics




© 2015