تفسير الإنجيل الله يطلب ثمرًا إذ - TopicsExpress



          

تفسير الإنجيل الله يطلب ثمرًا إذ قدَّم لنا السيِّد المسيح دعوة لقبول صداقته معنا خلال التوبة، أكدّ ضرورة التحام التوبة بالثمر الروحي المبهج لقلب الله. فقد شبّه البشريَّة بشجرة تين مغروسة في كرمه بقيت ثلاث سنوات لا تأتي بثمر. هذه السنوات الثلاث هي: فترة السقوط داخل الفردوس، وفترة ما قبل الناموس الموسوي، وفترة الناموس. وقد تعرضت الشجرة للقطع إذ أفرخت أوراقًا تستر بها آدم وحواء في عريهما دون علاج لطبيعتهما، فتدخل الكرّام الحقيقي ربَّنا يسوع طالبًا تركها سنة أخرى هي "عهد النعمة" لكي ينقب حولها ويضع زبلًا، مهتمًا بها بكونها غرسه الإلهي حتى تأتي بالثمر الحقيقي اللائق. وقد وُهب للرعاة أيضًا أن يحملوا روح سيِّدهم فيشفعون في كل شجرة لعلها تأتي بثمر روحي. * تشفع الكرّام لأجلها، وتأجلت العقوبة حتى يتم العون. الآن الكرّام الذي يشفع فيها هو كل قدِّيس يصلي في الكنيسة من أجل الذين هم خارجها. وبماذا يصلي؟ "يا رب اتركها هذه السنة أيضًا، أي اتركها في زمن النعمة، اترك الخطاة، اترك غير المؤمنين، اترك العاقرين غير المثمرين، فإنني سأحفر حولها واضع زبلًا، فإن صنعت ثمرًا وإلا ففيما بعد تقطعها" (راجع لو 13: 8-9). ما هو هذا الحفر حولها إلا التعليم بالتواضع والتوبة؟ فإن الحفرة هي أرض منخفضة. الزبل يعني الدنس الذي ينتج في فاعليته الصالحة ثمرًا. دنس الزارع هو تنهدات الخطاة الذين يتوبون لابسين ثيابًا قذرة، أن قُدَّمت التوبة بفهمٍ وبالحقٍ، فإنه لمثل هذه الشجرة يُقال: "توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السماوات" (مت 3: 2)[533]. القديس أغسطينوس * (في تعليقه على وضع الزبل حول الشجرة) ليتنا نسمد هذا الحقل الذي لنا، متمثلين بالزارعين المجاهدين الذين لا يخجلون من إشباع الأرض بالسماد، ونثر الرماد والقذر على الحقل حتى يجمعوا محصولًا أوفر. علمنا الرسول بولس كيف نسمد حقلنا بقوله: "إني أحسب كل شيء أيضًا خسارة... لكي أربح المسيح" (في 3: 8). بصيت حسن أو بصيت رديء أدرك أن يُسر السيِّد المسيح. لقد قرأ بولس عن إبراهيم أنه اعترف بأنه ليس إلا ترابًا ورمادًا (تك 18: 27)؛ وقرأ عن أيوب أنه جلس في الرماد (أي 2: 8)، وبذلك استعاد كل ما فقده (أي 42: 10). وسمع على فم داود أن الله: "المقيم المسكين من التراب، الرافع البائس من المزبلة" (مز 113: 7). فليتنا لا نعود نخجل من الاعتراف بخطايانا. حقًا أنه من المخجل أن يعترف الإنسان بخطاياه، لكن هذا الخجل يكون أشبه بعملية الحرث للأرض، وإزالة العوسج منها، وتنقيتها من الأشواك، وبذا نظهر الثمار التي لم تكن موجودة. لنتمثل إذن بهذا الذي حرث حقله باجتهاد، باحثًا عن الثمرة الأبديَّة: "نُشتم فنبارك، نُضطهد فنحتمل، يُفتري علينا فنعظ. صرنا كأقذار العالم ووسخ كل شيء إلى الآن" (1 كو 4: 12-13)[534]. القديس أمبروسيوس * ينطبق مثلشجرة التين علي المجمع، فقد اكتست الشجرة بأوراق كثيرة، وخدعت صاحبها الذي انتظر بدون جدوى الثمر المترقب، هكذا في المجمع يعرض معلمو الناموس أقوالهم مثل أوراق الزينة (بلا عمل). بالتدقيق نجد أن هذا النوع من الأشجار يختلف في ثمره عن غيره من الأشجار، ففي الأنواع الأخرى تظهر الزهرة قبل الثمرة، إذ تعلن الزهرة عن الثمرة. أما شجرة التين فتحمل ثمرًا من البداية دون ظهور زهور. في الأشجار الأخرى تسقط الزهرة بتولد الثمرة مكانها، أما في هذه الشجرة فتسقط الثمرة الأولى ليحل محلها ثمرة أخرى... تسقط الثمرة الأولى ويجف الساق الضعيف تاركًا مكانًا لغيره كيف ينتفع بالأكثر من العصارة، ولكن توجد قلة نادرة من الثمار الأولى لا تسقط، لأنها توجد علي جزع ساق قصير بين الفروع. تُحفظ هذه الثمار وتنمو كما في أحضان حنان الطبيعة ويكون غذاؤها أوفر ينميها... اليهود هم كالثمار الأولى للمجمع، ثمر ضعيف يسقط ليترك مكانًا لثمار جنسنا الذي يبقى إلي الأبد. شعب المجمع الأول لم يكن له عمق لأن أعماله كانت جافة، فلم يستطع أن ينهل من عصارة الحكمة الطبيعيَّة المخصبة، لذا سقط كثمر بلا نفع، فظهر ثمر شعب الكنيسة الجديد علي نفس الأغصان خلال عصارة التقوى القديمة... أما أفضل الإسرائيليين الذين حملهم جزع الناموس البالغ إلي الصليب، هؤلاء الذين اصطبغوا في أحشائهم بالعصارتين، فنضجوا... وقد قيل لهم: "تدينون أسباط إسرائيل الإثنى عشر" (مت 19: 28). ليس هذا بغريبٍ، فآدم وحواء مصدر جبلتنا ومصدر سقوطنا اكتسيا بأوراق هذه الشجرة، واستحقا الطرد من الفردوس، وإذ لاحظا عريهما اختبئا من وجه الرب حين سمعا صوته ماشيًا في الجنة. هذا يكشف عن اليهودي في الأزمنة الأخيرة عند مجيء الرب والمخلِّص، إذ جاء ليدعوه أدرك أن تجارب إبليس عرته من كل فضيلة، وفي ارتعابه من تبكيت ضميره يحوّر التقوى ويخجل من عدم أمانته ويعرف أنه قد ابتعد عن الرب وحاول أن يستتر بكثرة كلامه بستار انحطاط الأعمال. لذا فاللذان أخذا أوراق التين دون الثمر طُردا من ملكوت الله، إذ كانا "نفسًا حيَّة"، وجاء آدم الثاني يطلب الثمر لا الأوراق، لأنه كان "روحا محييًا" (1 كو 15: 45). فبالروح ننال ثمار الفضيلة، وبه نعبد الرب. يطلب الرب الثمر، لا لأنه لا يعرف أن التينة بلا ثمر، وإنما ليشير بهذا الرمز أنه جاء وقت جمع الثمار، وأنه لم يأتِ قبل الأوان. جاء لثلاث سنين، "هوذا ثلاث سنين آتي أطلب ثمرًا في هذه التينة ولم أجد، اقطعها، لماذا تبطل أيضًا؟" [7]. لقد جاء لإبراهيم (حيث طلب منه الختان)، وجاء لموسى (مقدَّما له الناموس)، وجاء لمريم (متجسدًا في أحشائها ليهب النعمة). بمعنى آخر جاء كختم للعهد (مع إبراهيم خلال الختان) وفي الناموس وفي الجسد. ونحن نعرف محبيه ببركاته عليهم، فتارة يطهر، وأخرى يقدّس، وثالثة يبرر. الختان يطهر، والناموس يقدس، والنعمة تبرر... ومع ذلك لم يستطع الشعب اليهودي أن يتطهر، لأنه أخذ ختان الجسد لا الروح. ولا استطاع أن يتقدس، لأنه جهل قيمة الناموس بتمسكه بما هو جسدي لا بما هو روحي، مع أن الناموس روحي (رو 7: 14). ولا استطاع أن يتبرر، إذ لم يتب عن خطاياه فكان جاهلًا بالنعمة... لهذا صدر الأمر بقطعها، لكن البستاني الصالح تدخل هذا الذي جاء للأمم كما لأهل الختان حتى لا تُقطع الشجرة، إذ وثق أنه يمكن للشعب اليهودي (إن قبل المسيا المخلِّص) أن يخلص، لذا قال: "أتركها هذه السنة أيضًا فأنقب حولها وأضع زبلًا". يضرب بالفأس الرسولي لينقب حولها محطمًا قسوة قلوبهم، ينقب بالسيف ذي الحدين نفوسهم المغلقة بسبب إهمالها لزمان طويل، ينقب (يفتح) قلوبهم فتحيا حواسهم وتتنسم الهواء فلا تختنق جذور الحكمة، ولا تدفن تحت ثقل الطين. يقول: "أضع زبلًا"، الذي به تصير الأرض القفر مثمرة، والمستوحشة مزروعة، والمجدبة ذات ثمر. علي الزبل جلس أيوب في تجربته فلم ينهزم، وبولس الرسول حسب نفسه نفاية (كزبل) ليربح المسيح (في 3: 8)... فالأرض التي تُنقب جيدًا ويُوضع فيها زبل تثمر، إذ يرفع الرب البائس الجالس في التراب، يقيم المسكين من المزبلة (مز 113: 7) ليت ما قيل عن اليهود بصفة عامة يكون موضع اعتبارنا، في حياتنا، حتى لا نشغل أرض الكنيسة المخصبة بلا ثمر![535] القديس أمبروسيوس هكذا يقدَّم لنا القديس أمبروسيوس في هذا المثل صورة حيَّة للشعب اليهودي الذي بقى ثلاث سنوات بلا ثمر، إذ لم ينتفع بالختان قبل الناموس (من إبراهيم إلي موسى) ولا بالناموس (من موسى إلي مجيء المسيح)، ولا حتى بالنعمة إذ جاء السيِّد المسيح يقدَّمها لنا... ومع هذا فلا يكف الله عن أن يعمل لخلاص كل العالم حتى المقاومين له... مشتاقًا أن يضرب بفأس الكتابات الإنجيلية والرسولية حول الشجرة لكي تتفتح الأرض ويشتم جذر أعماقنا نسمة حياة روحيَّة، ويضع زبل الاتِضاع لكي يرفعها إلي فوق وتأتي بثمر روحي سماوي. يمكننا أيضًا أن نرى في هذه السنوات الثلاث بالنسبة للبشريَّة ككل هكذا: أ. الإنسان في الفردوس، فقد خرج منه حاملًا ثقل الخطيَّة وبذار الموت والفساد. ب. الإنسان ما قبل الناموس، وقد بقى الإنسان في فساده يعبد الأصنام. ج. الإنسان تحت الناموس، وقد أساء الإنسان استخدامه، فلم يفهمه روحيًا ولا استطاع أن يكمله بل سقط تحت اللعنة بكسره لوصاياه. أخيرًا تقدَّم البستاني الصالح ربَّنا يسوع في ملء الزمان يمهلنا سنة أخرى هي سنة النعمة الإلهيَّة لعلنا نقبل عمله فينا فنحمل ثمر روحه القدُّوس سّر بهجة للآب صاحب الكرم. * طُلبت طبيعتنا ثلاث مرات ولم تقدَّم ثمرًا، مرة عندما عصت الوصيَّة في الفردوس، وأخرى عندما صبت العجل تحت الناموس، وثالثة عندما رفضت المخلِّص. يمكن أيضًا أن تُفهم هذه السنوات الثلاث علي أنها مراحل الحياة الثلاث: الصبوة والنضوج (الرجولة) والشيخوخة. الأب ثيؤفلاكتيوس * جاء ربَّنا لشجرة التين ثلاث مرات: بحث عن طبيعة الإنسان قبل الناموس، وتحت الناموس، وتحت النعمة، منتظرًا وناصحًا ومفتقدًا، ومع هذا يشكو إذ لا يجد ثمرًا، إذ يوجد أشرار لم تُصلح قلوبهم بالناموس الطبيعي الذي فيهم، ولا تهذبوا بالوصايا، ولا اهتدوا بمعجزات تجسده... لكن بخوف عظيم ورعدة نسمع الكلمة التالية: "أقطعها، لماذا تبطل الأرض أيضًا؟" [7]. كل إنسان ما لم يظهر ثمر الأعمال الصالحة حسب قياسه - أيا كانت مرحلة حياته - يُحسب كشجرة غير مثمرة تبطل الأرض، لأنه أيا كان موقعه يحرم غيره من فرصة للعمل... الكرام يمثل نظام الأساقفة الذين يرعون كرم الرب بتدبير الكنيسة... الزبل هنا يعني خطايا الجسد، فالشجرة تنتعش مرة أخرى بتذكرها الخطايا لتحيا النفس لممارسة الأعمال الصالحة. لكن كثيرين إذ يسمعون توبيخًا يستخفون العودة إلي حياة التوبة[536]. البابا غريغوريوس (الكبير) * ليتنا لا نضرب (بالفأس) سريعًا بل نُغلب باللطف، لئلاَّ نقطع شجرة التين وهي قادرة أن تحمل ثمرًا إن تعهدها كرّام ماهر لإصلاح حالها![537] القديس غريغوريوس النزينزي * يحتمل أن يكون قد شبّه مجمع اليهود بشجرة تين، فإن الكتاب المقدَّس يقارن اليهود بزروع مختلفة: كالكرمة، والزيتونة، وأحيانا بالغابة. مرة يدعو النبي إرميا إسرائيل أو سكانها: "إسرائيل جفنة ممتدة" (هو 10: 1) وأيضًا: "زيتونة خضراء ذات ثمر جميل الصورة دعا الرب اسمك، بصوت ضجة عظيمة أوقد نارًا عليها فانكسرت أغصانها" (إر 11: 16). يقارنها نبي آخر من الأنبياء القدِّيسين بجبل لبنان، قائلًا: "افتح أبوابك يا لبنان فتأكل النار أرزك" (زك 11: 1). فإن الغابة التي كانت في أورشليم التي هي الشعب الكثير الذي بلا عدد قد هلك بالنار. لهذا أقول أن شجرة التين الواردة في المثل هي المجمع اليهودي أي الإسرائيليون، أما الثلاث سنين التي كان يطلب فيها ثمرًا ولم يجد فهي - كما أظن- تعني الثلاث مراحل التي لم يقدَّم فيها المجمع اليهودي ثمرًا. السنة الأولى يمكن أن يُقال هي التي عاش فيها موسى وهرون وأولاده الذين خدموا الله خلال العمل الكهنوتي حسب الشريعة. الثانية هي مرحلة يشوع بن نون والقضاة الذين جاءوا بعده. الثالثة هي التي فيها ظهر الأنبياء الطوباويون حتى يوحنا المعمدان. خلال هذه الفترات لم يقدَّم إسرائيل ثمرًا... لذلك يقول: "هوذا الثلاث سنين أتي أطلب ثمرًا في هذه التينة ولم أجد، اقطعها، لماذا تبطل الأرض أيضًا؟" [7]. كأنه يقول: لتجعل مكان هذه الشجرة العقيمة فارغًا لكي ما تُزرع شجرة أخرى في موضعها. هذا ما قد حدث، إذ دُعي الأمم في موضع إسرائيل ونال ميراثه. صار الأمم شعب الله، زُرع الفردوس، بذرة صالحة ومكرمة، تعرف كيف تقدَّم ثمرًا، لا خلال ظلال ورموز، بل خلال خدمة طاهرة كاملة بلا عيب، تُمارس بالروح والحق، تُقدَّم لله الكائن غير المادي... إن قال أحد أن الكرام هو الابن، فإن هذا الرأي له براهينه المقبولة اللائقة، إذ هو "شفيع لدى الآب" (1 يو 2: 1)، وهو "كفارة عنا"، وكرّام نفوسنا الذي يقضب فينا كل ما هو مضر، ويملأنا ببذور عاقلة مقدَّسة حتى نحمل ثمرة فينا، وكما قال بنفسه: "خرج الزارع ليزرع "(لو 8: 5)... قال الابن للرسل القدِّيسين: "أنا هو الكرمة، وأنتم الأغصان، وأبى الكرّام" (راجع يو 15: 1، 5)... ليشفع إذن فينا، قائلًا: "اتركها هذه السنة أيضًا، حتى أنقب حولها، وأضع زبلًا" [8]. ما هذه السنة؟ واضح أنها السنة الرابعة، الوقت الذي يأتي بعد المراحل السابقة، الذي فيه صار الابن الوحيد كلمة الله إنسانًا، فقد جاء ككرامٍ يحث الإسرائيليين الذين جفوا بالخطيَّة بالنصائح الروحيَّة، ينقب حولهم، ويدفئهم بحرارة الروح (رو 12: 11). لقد سبق فتوعدهم مرارًا بالخراب والدمار والحروب والقتل والحرق والسبي والسخط الذي لا يهدأ، ومن جانب آخر قدَّم لهم المواعيد أن آمنوا به، فيصيروا أشجارًا مثمرة. إذ يهبهم الحياة والمجد ونعمة التبني وشركة الروح القدس وملكوت السماوات. لكن إسرائيل كان غير قادرٍ علي التعلم حتى بهذا، وبقي شجرة تين غير مثمرة، مستمرًا علي حاله هذا. لذلك قُطع حتى لا يُبطل الأرض، وعوضًا عنه جاء زرع خصب، هو كنيسة الأمم الجميلة والحاملة للثمار، العميقة الجذور، التي لا يمكن أن تتزعزع. إذ حُسبوا أبناء إبراهيم، طُعموا في الزيتونة الصالحة، إذ بقي الجذر محفوظًا وإسرائيل لم يهلك بطريقة مطلقة[538]. القديس كيرلس الكبير st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Tadros-Yacoub-Malaty/03-Enjil-Loka/Tafseer-Angil-Luca__01-Chapter-13.html#2.الله_يطلب_ثمرًا
Posted on: Thu, 10 Oct 2013 10:45:45 +0000

Trending Topics



Recently Viewed Topics




© 2015