كتب طلال قديح في زحمة ما يشهده - TopicsExpress



          

كتب طلال قديح في زحمة ما يشهده العالم العربي من حوادث مرعبة وفي خضم هذا الهيجان الذي يلفّ المنطقة كلها بستار كثيف يحجب الرؤية الواضحة فتستوي الأنوار والظُلَم ويتداخل الصالح مع الطالح وتلتبس الأمور حتى على العقلاء والحكماء، يستبد بالناس اليأس والملل ويسيطر عليهم القنوط والضجر بلا بصيص لرجاء أو أمل. هذه حالنا نحن العرب ، ننام على أحلام وردية ونصحو على واقع مر أليم ، فلا نجد إلا فتناً ودماء وأشلاء تفتك بالرجال والأطفال والنساء بلا ذنب اقترفوه أو منكر فعلوه.. كم كنا نتمنى أن يكون حاضرنا أفضل من ماضينا ! ومستقبلنا أكثر إشراقاً وأوفر سعادة.. لكن للأسف تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ! وإذا كانت هذه حال العرب ، فما هي إذن حال الفلسطينيين الذين تجرعوا العذاب ألواناً فمن نكبة إلى احتلال وحروب ولجوء فتشريد في كل أرجاء المعمورة يتوسدون الأرض ويلتحفون السماء يقاسون الحر اللافح والبرد القارس.. لم تترك لهم فرصة ليلتقطوا أنفاسهم ويعيشوا كما يعيش سائر البشر.. أدمنوا الحزن والبكاء وعاشوا حياتهم في كآبة وشقاء.. غابت الابتسامة عن الوجوه وفارقت السعادة القلوب المكلومة والنفوس المصدومة ! ووسط هذا الجو الكئيب لاحت فجأة بارقة أمل أيقظت الفلسطينيين ومعهم العرب جميعاً من الخليج إلى المحيط ليعيشوا فرحة عارمة تعود بها الابتسامة إلى الشفاه والبشر إلى الوجوه ، فترتفع الأصوات بالهتاف وتردد الألسنة باعتزاز أناشيد السعادة والفرح.. كانت بالفعل لحظة فارقة دفعت بفلسطين إلى الواجهة من جديد بعد أن غيّبها الإعلام المشغول بالربيع العربي وتداعياته التي لم تأت بمنٍّ وسلوى كما كان يروّج لها البعض. لا شك أن فوز الفنان الفلسطيني الواعد بالمركز الأول في مهرجان " العرب أيدول" منح الفلسطينيين فرصة ليفرحوا ولينفّسوا عن حالهم ولينفضوا عنهم ما تراكم من غبار الأحزان والآلام عبر مرور الأعوام ليحيوا ولو للحظات في سرور وحبور. لقد كان التجاوب من قبل الجماهير العربية بمثابة استفتاء يثبت أن فلسطين ما زالت في القلب ولن تتخلى عن الصدارة كقضية العرب والمسلمين المركزية. وما التكريم الذي ناله الفنان محمد عساف إلا تكريم لكل فلسطيني مخلص بل لكل عربي وهذا مؤشر بل دليل على أن فلسطين قضية عصيّة على النسيان ، قوية البنيان ، مهما كانت الظروف ، وهل يمكن لأحد أن ينسى او يتناسى القدس والمسجد الأقصى ؟!.. مستحيل.. إن هذا الفنان إلى جانب صوته الأصيل - الذي يذكرنا بجيل العمالقة من المغنين أمثال: محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش وعبد الحليم حافظ ووديع الصافي وناظم الغزالي الذين ما زالت أغانيهم ترانيم خالدة على كل الشفاه- يبدو أنه على ثقافة واسعة و اطلاع كبير فهو يعيش قضيته ويتفاعل مع عصره الذي يموج بكمٍّ هائل من المتغيرات وهذا ما يميزه عن غيره ويجعله أقرب إلى جمهوره الواسع الذي أعطاه ثقته وقدّمه على غيره. حقاً، إن فلسطين سعيدة بك وفخورة بانتمائك إليها ، ولا شك أن كل الفلسطينيين أسعد ما يكونون بفوزك والكل على ثقة بأنك بفنك ستخدم قضيتك وتساهم في إبقائها في الصدارة كما كانت على الدوام.. بارك الله فيك يا عساف وسلمت مناضلا بالكلمة الصادقة والفن الأصيل.. وحُقَّ للفلسطينية أماً أوأختاً أن تفرح وتهتف منتشية بأعلى صوتها فور فوزك:" الله يسعد فلسطين اللي جابتك". وما محمد عساف إلا أنموذج للشباب الواعد وصورة لما يجب أن يكون عليه شبابنا من إخلاص للوطن وعطاء وافر في كافة الميادين والمجالات، تباهي به الأمة وتفاخر سائر الأمم. • كاتب ومفكر فلسطيني.
Posted on: Thu, 04 Jul 2013 12:07:15 +0000

Trending Topics



Recently Viewed Topics




© 2015