الى الاصدقاء جميعا سوف اعمل على - TopicsExpress



          

الى الاصدقاء جميعا سوف اعمل على تنزيل خلاصة ودروس عن الكتاب المقدس على الصفحة الرئيسية ،فارجوا من الله ان يعطيني القوة لتكملة هذا الطريق وان يستفيد منه الجميع ، المسيح قد جاء للجميع .هاليلويا. الدرس الاول ـ سفر التكوين. فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ. 1 In the beginning God created the heaven and the earth. 2 وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً، وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ، وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ. 2 And the earth was without form, and void; and darkness was upon the face of the deep. And the Spirit of God moved upon the face of the waters. 3 وَقَالَ اللهُ: «لِيَكُنْ نُورٌ»، فَكَانَ نُورٌ. 3 And God said, Let there be light: and there was light. 4 وَرَأَى اللهُ النُّورَ أَنَّهُ حَسَنٌ. وَفَصَلَ اللهُ بَيْنَ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ. 4 And God saw the light, that it was good: and God divided the light from the darkness. 5 وَدَعَا اللهُ النُّورَ نَهَارًا، وَالظُّلْمَةُ دَعَاهَا لَيْلاً. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا وَاحِدًا. 5 And God called the light Day, and the darkness he called Night. And the evening and the morning were the first day. 6 وَقَالَ اللهُ: «لِيَكُنْ جَلَدٌ فِي وَسَطِ الْمِيَاهِ. وَلْيَكُنْ فَاصِلاً بَيْنَ مِيَاهٍ وَمِيَاهٍ». 6 And God said, Let there be a firmament in the midst of the waters, and let it divide the waters from the waters. 7 فَعَمِلَ اللهُ الْجَلَدَ، وَفَصَلَ بَيْنَ الْمِيَاهِ الَّتِي تَحْتَ الْجَلَدِ وَالْمِيَاهِ الَّتِي فَوْقَ الْجَلَدِ. وَكَانَ كَذلِكَ. 7 And God made the firmament, and divided the waters which were under the firmament from the waters which were above the firmament: and it was so. 8 وَدَعَا اللهُ الْجَلَدَ سَمَاءً. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا ثَانِيًا. 8 And God called the firmament Heaven. And the evening and the morning were the second day. 9 وَقَالَ اللهُ: «لِتَجْتَمِعِ الْمِيَاهُ تَحْتَ السَّمَاءِ إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ، وَلْتَظْهَرِ الْيَابِسَةُ». وَكَانَ كَذلِكَ. 9 And God said, Let the waters under the heaven be gathered together unto one place, and let the dry land appear: and it was so. 10 وَدَعَا اللهُ الْيَابِسَةَ أَرْضًا، وَمُجْتَمَعَ الْمِيَاهِ دَعَاهُ بِحَارًا. وَرَأَى اللهُ ذلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 10 And God called the dry land Earth; and the gathering together of the waters called he Seas: and God saw that it was good. 11 وَقَالَ اللهُ: «لِتُنْبِتِ الأَرْضُ عُشْبًا وَبَقْلاً يُبْزِرُ بِزْرًا، وَشَجَرًا ذَا ثَمَرٍ يَعْمَلُ ثَمَرًا كَجِنْسِهِ، بِزْرُهُ فِيهِ عَلَى الأَرْضِ». وَكَانَ كَذلِكَ. 11 And God said, Let the earth bring forth grass, the herb yielding seed, and the fruit tree yielding fruit after his kind, whose seed is in itself, upon the earth: and it was so. 12 فَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ عُشْبًا وَبَقْلاً يُبْزِرُ بِزْرًا كَجِنْسِهِ، وَشَجَرًا يَعْمَلُ ثَمَرًا بِزْرُهُ فِيهِ كَجِنْسِهِ. وَرَأَى اللهُ ذلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 12 And the earth brought forth grass, and herb yielding seed after his kind, and the tree yielding fruit, whose seed was in itself, after his kind: and God saw that it was good. 13 وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا ثَالِثًا. 13 And the evening and the morning were the third day. 14 وَقَالَ اللهُ: «لِتَكُنْ أَنْوَارٌ فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتَفْصِلَ بَيْنَ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ، وَتَكُونَ لآيَاتٍ وَأَوْقَاتٍ وَأَيَّامٍ وَسِنِينٍ. 14 And God said, Let there be lights in the firmament of the heaven to divide the day from the night; and let them be for signs, and for seasons, and for days, and years: 15 وَتَكُونَ أَنْوَارًا فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتُنِيرَ عَلَى الأَرْضِ». وَكَانَ كَذلِكَ. 15 And let them be for lights in the firmament of the heaven to give light upon the earth: and it was so. 16 فَعَمِلَ اللهُ النُّورَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ: النُّورَ الأَكْبَرَ لِحُكْمِ النَّهَارِ، وَالنُّورَ الأَصْغَرَ لِحُكْمِ اللَّيْلِ، وَالنُّجُومَ. 16 And God made two great lights; the greater light to rule the day, and the lesser light to rule the night: he made the stars also. 17 وَجَعَلَهَا اللهُ فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتُنِيرَ عَلَى الأَرْضِ، 17 And God set them in the firmament of the heaven to give light upon the earth, 18 وَلِتَحْكُمَ عَلَى النَّهَارِ وَاللَّيْلِ، وَلِتَفْصِلَ بَيْنَ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ. وَرَأَى اللهُ ذلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 18 And to rule over the day and over the night, and to divide the light from the darkness: and God saw that it was good. 19 وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا رَابِعًا. 19 And the evening and the morning were the fourth day. 20 وَقَالَ اللهُ: «لِتَفِضِ الْمِيَاهُ زَحَّافَاتٍ ذَاتَ نَفْسٍ حَيَّةٍ، وَلْيَطِرْ طَيْرٌ فَوْقَ الأَرْضِ عَلَى وَجْهِ جَلَدِ السَّمَاءِ». 20 And God said, Let the waters bring forth abundantly the moving creature that hath life, and fowl that may fly above the earth in the open firmament of heaven. 21 فَخَلَقَ اللهُ التَّنَانِينَ الْعِظَامَ، وَكُلَّ ذَوَاتِ الأَنْفُسِ الْحيَّةِ الدَّبَّابَةِ الْتِى فَاضَتْ بِهَا الْمِيَاهُ كَأَجْنَاسِهَا، وَكُلَّ طَائِرٍ ذِي جَنَاحٍ كَجِنْسِهِ. وَرَأَى اللهُ ذلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 21 And God created great whales, and every living creature that moveth, which the waters brought forth abundantly, after their kind, and every winged fowl after his kind: and God saw that it was good. 22 وَبَارَكَهَا اللهُ قَائِلاً: «أَثْمِرِي وَاكْثُرِي وَامْلإِي الْمِيَاهَ فِي الْبِحَارِ. وَلْيَكْثُرِ الطَّيْرُ عَلَى الأَرْضِ». 22 And God blessed them, saying, Be fruitful, and multiply, and fill the waters in the seas, and let fowl multiply in the earth. 23 وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا خَامِسًا. 23 And the evening and the morning were the fifth day. 24 وَقَالَ اللهُ: «لِتُخْرِجِ الأَرْضُ ذَوَاتِ أَنْفُسٍ حَيَّةٍ كَجِنْسِهَا: بَهَائِمَ، وَدَبَّابَاتٍ، وَوُحُوشَ أَرْضٍ كَأَجْنَاسِهَا». وَكَانَ كَذلِكَ. 24 And God said, Let the earth bring forth the living creature after his kind, cattle, and creeping thing, and beast of the earth after his kind: and it was so. 25 فَعَمِلَ اللهُ وُحُوشَ الأَرْضِ كَأَجْنَاسِهَا، وَالْبَهَائِمَ كَأَجْنَاسِهَا، وَجَمِيعَ دَبَّابَاتِ الأَرْضِ كَأَجْنَاسِهَا. وَرَأَى اللهُ ذلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 25 And God made the beast of the earth after his kind, and cattle after their kind, and every thing that creepeth upon the earth after his kind: and God saw that it was good. 26 وَقَالَ اللهُ: «نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ». 26 And God said, Let us make man in our image, after our likeness: and let them have dominion over the fish of the sea, and over the fowl of the air, and over the cattle, and over all the earth, and over every creeping thing that creepeth upon the earth. 27 فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ. 27 So God created man in his own image, in the image of God created he him; male and female created he them. 28 وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ». 28 And God blessed them, and God said unto them, Be fruitful, and multiply, and replenish the earth, and subdue it: and have dominion over the fish of the sea, and over the fowl of the air, and over every living thing that moveth upon the earth. 29 وَقَالَ اللهُ: «إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكُمْ كُلَّ بَقْل يُبْزِرُ بِزْرًا عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ، وَكُلَّ شَجَرٍ فِيهِ ثَمَرُ شَجَرٍ يُبْزِرُ بِزْرًا لَكُمْ يَكُونُ طَعَامًا. 29 And God said, Behold, I have given you every herb bearing seed, which is upon the face of all the earth, and every tree, in the which is the fruit of a tree yielding seed; to you it shall be for meat. 30 وَلِكُلِّ حَيَوَانِ الأَرْضِ وَكُلِّ طَيْرِ السَّمَاءِ وَكُلِّ دَبَّابَةٍ عَلَى الأَرْضِ فِيهَا نَفْسٌ حَيَّةٌ، أَعْطَيْتُ كُلَّ عُشْبٍ أَخْضَرَ طَعَامًا». وَكَانَ كَذلِكَ. 30 And to every beast of the earth, and to every fowl of the air, and to every thing that creepeth upon the earth, wherein there is life, I have given every green herb for meat: and it was so. 31 وَرَأَى اللهُ كُلَّ مَا عَمِلَهُ فَإِذَا هُوَ حَسَنٌ جِدًّا. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا سَادِسًا. 31 And God saw every thing that he had made, and, behold, it was very good. And the evening and the morning were the sixth day. الخلاصة والتفسير؛ إن الأسلوب الذي يفتتح به الروح القدس هذا السفر البديع لهو عجيب حقاً لأنه يقودنا مباشرة إلى الله بملء وجوده وتفرّد صفاته وكمالاته, وإذا نحن أمام الله جل شأنه. ثم كأننا نسمعه يقاطع سكون الأرض باعثاً نوره وسط ظلمتها, وغرضه إنشاء عالم يتجلى فيه بلاهوته وقوته السرمدية. فلا شيء هنا لإشباع الدهشة العقيمة, ولا شيء تتمشى فيه مخيلة الفكر الإنساني الضعيف, بل هو الحق الإلهي الصريح السامي بكل قوته الأدبية التي تفعل في القلب وتؤثر على المدارك والوجدان. لأن روح الله لا يرضى بإشباع الدهشة البشرية العقيمة فيوحي بالمستغربات في شكل نظريات كما يفعل العلماء الذين يفحصون طبقات الأرض ويحاولون أن يستنتجوا من أبحاثهم معلومات يكملون بها التاريخ الإلهي المُوحَى به أو يناقضونه أحياناً, أو يدرس بقايا الحيوانات ليبنوا عليها ما شاءوا من النظريات. أما إنسان الله فيتمسك بأهداب الوحي ويبتهج به. فهو يقرأ ويؤمن ويعبد ويخشع. ويا ليتنا نحن ندرس هذا السفر المفتوح أمامنا الآن بهذه الروح, ويا ليتنا نفهم قوة الالتجاء إلى المقادس, فيصبح تأملنا في مضمون هذا الكتاب المقدس مقروناً بالخشوع والتعبد اللائقين به. في الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ (1: 1). وهنا نرى كلمة الله من أول وهلة تأتي بنا إلى حضرة من هو نبع كل بركة حقيقية, فلا حاجة إلى برهان منطقي لإثبات وجود الله. وحاشا للروح القدس أن يُقدِم على أمر كهذا لأن الله يعلن ذاته, وهو يعلن وجوده بأعماله إذ السماوات تحدِّث بمجد الله والفلَك يُخبر بعمل يديه (مز19: 1), يحمدك يا رب كل أعمالك (مز145: 10). عظيمة هي أعمالك أيها الرب الإله القادر على كل شيء (رؤ15: 3). ولن يطلب إقامة الحجة والدليل على وجود الله, الذي أبدع العالمين بكلمة فمه فأعلن بذلك أنه الإله الحكيم وحده السرمدي صاحب الإجلال, إلا كل ملحد أو كافر. لأنه مَنْ خلق العالمين سوي الله! ارفعوا إلى العلاء عيونكم وانظروا مَنْ خلَق هذه؟ مَنْ الذي يُخرج بعدد جندها يدعو كلها بأسماء؟ لكثرة القوة وكونه شديد القدرة لا يُفقد أحد (إش40: 26), آلهة الشعوب أصنام أما الرب فقد صنع السماوات (مز96: 5). وفي سفر أيوب (ص38-41) نجد الرب نفسه يستشهد بأعمال الخليقة, بأسلوب بديع, كحجة دامغة وبرهان قاطع على قدرته جل شأنه وتعالى اسمه. وهذا الاستشهاد, فضلاً عن كونه يؤثر على المدارك مؤيداً قدرة الله الفائقة على كل شيء, فإنه يؤثر أيضاً على القلب بتنازله العجيب. فعظمة الله ومحبته مقترنتان معاً وجلاله ولطفه جديران بالله. وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ... (1: 2). وهنا يتجلى أمام بصرنا مشهد لا يمكن لغير الله حقاً أن يمثل أدواره. ومع أن الإنسان في كبرياء قلبه حاول أن يتداخل في شئون الله ويرقى إلى دوائر أعلى مما صار له حق الوصول إليها, فإن المشهد المرسوم أمامنا الآن لم يكن للإنسان شأن فيه البتة لأنه لم يكن بعد في الوجود, إذ هو أيضاً من مخلوقات تلك القدرة الفعّالة. ففي دور الخليقة كان الله – عزّ شأنه – منفرداً بالوجود, وقد تطلع من نور مسكنه نحو هذا الفضاء ورأى فيه دائرة سيمثل ضمن حدودها مقاصده ومشوراته العجيبة التي كان مزمعاً أن يعلنها وينفذها: دائرة الكون التي كان الابن الأزلي مزمعاً أن يحيا فيها ويتألم ويسفك دمه فيموت لكي يظهر في الدهور الآتية أمجاد وكمالات اللاهوت. فعلى وجه الغمر كانت ظلمة وتشويش ولكن الله نور وسلام الله نور وليس فيه ظلمة البتة (1يو1: 5). لأن الظلمة والتشويش لا يلبثان أمامه, سواء كان ذلك من الوجهة المادية أم الأدبية أم النفسية أم الروحية. وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ (1: 2). حائماً حول دائرة أعماله المستقبلة, يحلّق في فضاء الخليقة؛ وكان المنظر حالكاً جداً ولكنه وجد فيه مجالاً لإشراق نوره وبهاء حياته. إذ هو وحده المستطاع له إنارة الظلام وإعطاء الحياة واستبدال التشويش بالسلام وجمع اليابسة وسط المياه حيث تتجلى مظاهر الحياة بدون خوف من الموت. ويا لها من أعمال تليق بالله وحده! وَقَالَ اللهُ: «لِيَكُنْ نُورٌ» فَكَانَ نُور (1: 3). هذه أقوال مع بساطتها نرى في خلالها صفات الله جل شأنه لأنه قال فكان. هو أمر فصار (مز33: 9). فالكافر قد يسأل: كيف؟ ومتى؟ وأين؟ أما المؤمن فيجيب بالإيمان نفهم أن العالمين أُتقنت بكلمة الله حتى لم يتكون ما يُرى مما هو ظاهر (عب11: 3)؛ وفي هذا القدر كفاية للروح الوديع. فالفيلسوف قد يضحك ساخراً ويدّعي أن هذا هو الجهل المُطبق والغباوة الفاضحة والتسليم الأعمى الذي لا ينطبق سوى على روح عصور الجهل الأولى ولا يليق بقوم وُجِدوا في عصر المدنية, عندهم من النور بفضل وسائل العلم الحديثة والاستكشافات ما لم يحلم به كتبة الوحي قديماً, ويا لها من حكمة! بل يا له من علم! ولكن أ ليست هذه بالحري هي السخافة ومنتهى الجهل؟ بل يا له من عجز عن إدراك غرض وقصد الكتاب المقدس! إذ ليست غاية الله تخريج علماء أو فلكيين, ولا غرضه أن يشغلنا بتفاصيل ميكروسكوبية أو تليسكوبية يهتم بها تلاميذ المدارس, إنما غايته أن يأتي بنا إليه كساجدين خاضعة قلوبنا ومتعلمة أذهاننا من كلمته المقدسة. أما الفيلسوف فلا يعنيه ذلك, بل تراه يسخر بما يدعوه قصور إدراك وتمسكاً أعمى بالكلمة؛ وبواسطة منظاره يحد أقاصي السماوات وبفكره يجول في الفضاء, وإذ يُنَقِّب في طبقات الأرض وقشرتها فاحصاً ما فيها من بقايا الحيوانات يظن أنه بهذه الوسائل يصحح رواية الكتاب المقدس أو يناقضها إذا أمكن, مفاخراً في ذلك ومستعملاً كل تحدٍ وعجرفة. أما نحن فلا شأن لنا مع مخالفات العلم الكاذب الاسم (اتي6: 20), لأننا نعتقد أن كل اكتشاف صحيح, سواء كان ما في السماوات من فوق أو ما على الأرض من تحت, يجب أن يطابق المكتوب في كلمة الله, وكل محب لأقوال الله يهزأ بما يناقضها ولا يبالى به, وفي هذا راحة لقلب المؤمن في أيام كهذه كثرت فيها الأقاويل والنظريات الفاسدة العقلية الكفرية. ويجب أن يتثبت القلب بالتمام من جهة كفاية وحي كلام الله وسلطانه وكماله وتأثيره, وهذا هو الرادع القوي ضد أبحاث العلماء الفلسفية العقلية وتقاليد البشر الخرافية, والإلمام بكلمة الله والخضوع لها وحدها هما حاجتنا في الوقت الحاضر, ويا ليت الرب بنعمته يهبنا هذا وذاك معاً. اللهُ النُّورَ أَنَّهُ حَسَنٌ. وَفَصَلَ اللهُ بَيْنَ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ. 5وَدَعَا اللهُ النُّورَ نَهَاراً وَالظُّلْمَةُ دَعَاهَا لَيْلاً (1: 4 ,5). هنا نقرأ عن رمزين يكثر ورودهما في كلمة الله ولهما شأن كبير فيها. فحيث يوجد النور هناك نهار, ومتى غاب النور فهناك ليل. هكذا حال النفس. فيوجد أبناء نور كما يوجد أبناء ظلمة, وهما شطران يمتاز أحدهما عن الآخر. فجميع الذين أشرق عليهم نور الحياة وافتقدهم المُشرق من العلاء (لو1: 78), كل الذين أشرق في قلوبهم نور الله لإنارة معرفة مجده في وجه يسوع المسيح, هؤلاء أجمعون – أيّاً كانوا – هم من الفئة الأولى أبناء نور وأبناء نهار. ومن الجهة الأخرى كل الذين لا يزالون في ظلمة طبيعية وعمى طبيعي وعدم إيمان طبيعي, أي الذين لم يقبلوا في قلوبهم بالإيمان أشعة شمس البر اللامعة, هم بعد في ظلمة ليل روحي أبناء ظلمة وأبناء ليل. وهنا أرجوك أيها القارئ العزيز أن تتمهل قليلاً وأنت في حضرة فاحص القلوب, وتسأل نفسك: من أي الفريقين أنت الآن؛ أما كونك لا بد أن تكون منتمياً لأحدهما فهذا أمر لا يقبل الجدال. قد تكون واحداً من عامة الناس المحتقَرين المساكين, ولكنك إذا كنت بالنعمة قد ارتبطت بابن الله نور العالم فأنت من أبناء النهار ولا شك أنك ستضيء عن قريب في أفق السماء حيث المجد الأبدي حول الخروف المذبوح الذي هو كالشمس وهي تضيء في قوتها (رؤ1: 16), هذا ليس من عمل يُعزى إليك بل هو نتيجة مشورات الله ومقاصده الأزلية. هو الذي أعطاك نوراً وحياة ووهبك فرحاً وسلاماً بيسوع وكفارته الكاملة. أما إذا كنت لم تزل بعيداً عن عمل وتأثير نور الله المقدس ولم تنفتح بعد عيناك لتبصر جمال ابن الله (ولو كان لك علم نيوتن وكنوز الفلسفة البشرية وأوتيت قوة الذكاء الإنساني وتوشحت بأسمى ألقاب الشرف ولبست أفخر النياشين وتخرجت من أشهر مدارس وكليات العالم الحاضر) فأنت لا تزال من أبناء الظلمة وأبناء الليل وإذا مت في حالتك هذه فإنك ستُطرح في الظلمة الخارجية والليل الأبدي. فأرجوك أيها القارئ الحبيب أن لا تقلب صفحة أخرى قبل أن تتيقن أولاً من أنك من أبناء النهار. وغرضي الآن أن أتوسع في شرح الأنوار وأفيض في الشرح. وَقَالَ اللهُ: «لِتَكُنْ أَنْوَارٌ فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتَفْصِلَ بَيْنَ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ وَتَكُونَ لآيَاتٍ وَأَوْقَاتٍ وَأَيَّامٍ وَسِنِينٍ. وَتَكُونَ أَنْوَاراً فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتُنِيرَ عَلَى الأَرْضِ». وَكَانَ كَذَلِكَ. فَعَمِلَ اللهُ النُّورَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ: النُّورَ الأَكْبَرَ لِحُكْمِ النَّهَارِ وَالنُّورَ الأَصْغَرَ لِحُكْمِ اللَّيْلِ وَالنُّجُومَ (1: 14-16). معلوم أن الشمس هي مركز النور ومركز عالمنا الأرضي أيضاً, وبقية الكواكب تدور في أفلاكها حولها ومنها تستمد نورها. ومن هذه الأوجه يصح أنها تشبه ذاك الذي سيظهر عما قريب والشفاء في أجنحته ليفرّح قلوب خائفي الرب. والذي قضى ليلته يراقب بزوغ الشمس ثم رآها وهي طالعة ترسل أشعتها الذهبية لتملأ الفضاء وتبدد الضباب وتقشع الغيوم وتشق سواد الليل يرى أوجه الشبه في تمثيل هذا المنظر بظهور شخص الرب في جلاله وبهائه حين يستقبله القديسون كما تستقبل الخليقة أشعة نور الشمس عند الصباح. إذ بعد قليل ستشرق شمس البر ومن أمام وجهه ستهرب أوهام الظلام وتبتهج الخليقة بأسرها ببزوغ فجر بل ضباب بداية نهار مجد أبدي. أما القمر فهو كتلة جامدة في حد ذاتها تستمد نورها جميعه من الشمس, وهي تعكس في كل حين نور الشمس, إلا متى اعترضت الأرض بينهما. ثم أنه حالما تختفي الشمس تحت الأفق وتحتجب عن الإبصار حينئذ يظهر القمر مستمداً نوره منها وعاكساً أشعتها على الأرض المتسربلة بالظلام. أما إذا حاولت أن ترى القمر في النهار فلا تبصر سوى نور أصفر باهت لأن الشمس تكون مضيئة في قوتها. وكما قلنا سابقاً فإن نور القمر قد يحتجب أحياناً متى اعترضت الأرض بينه وبن الشمس أو تتصاعد الأبخرة من الأرض وتتلبد الغيوم وتتكاثف السحب فيختفي نور القمر الفضي عن أبصارنا. وكما كان الشمس رمز بديع وفي غاية المناسبة للمسيح, كذلك القمر رمز جميل للكنيسة التي تستمد نورها من ذلك المصدر الخفي عن أبصار العالم. فالعالم لا يراه أما هي فتراه وتعرفه. وهي مسئولة لتعكس أشعة نوره على العالم المظلم. فلا توجد واسطة للوصول إلى المسيح إلا بالكنيسة. والرسول يقول بالوحي أنتم رسالتنا.. معروفة ومقروءة من جميع الناس وأيضاً ظاهرين أنكم رسالة المسيح (2كو3: 2, 3). هذا الوجه يشير إلى مسئولية الكنيسة التي عليها أن تسعى ضد كل ما من شأنه أن يعطل ظهور نور المسيح السماوي في كل طرقها. ولكن كيف يتسنى لها أن تعكس هذا النور؟ بمواجهة نور الشمس في ضوئه الكامل حتى ينعكس عليها, لأن الكنيسة متى سلكت في نور المسيح فلا شك أنها تعكس نوره, وهذا هو مركزها الحقيقي. إن نور القمر ليس هو نوره الخاص, وهكذا الحال مع الكنيسة. ولا هو مطلوب منها أن تُظهر ذاتها للعالم. وإنما هي مطالبَة ان تمد المسكونة بالنور الذي تستمده من المسيح, وعليها أن تدرس بمواظبة واجتهاد المثال الذي تركه لنا لنقتفي آثار خطواته التي سلكها هنا على الأرض بقوة الروح القدس الساكن فيها. ولكن وأسفاه! فإن غيوم العالم وسُحبه وأبخرته أي غموم وغرور الحياة تحجب النور وتمحو كتابة الرسالة, فيبيت العالم وهو لا يرى من صفات المسيح وكمالاته في ذويه المدعوين باسمه إلا النذر القليل, بل قل إنه في بعض الأوقات يرى بدل المشابهة مفارقة ويبصر عكس تلك الصفات, فيا ليتنا نشخص إلى المسيح وننظر إلى مجده الأدبي بروح الصلاة فننسج على منواله ونكون أمناء في الاقتداء به. أما النجوم فهي عبارة عن أنوار بعيدة عنا جداً. وهي تضيء في أجواء أخرى علاقتها الوحيدة بمركزنا أننا نبصر ضوءها. إلا أن نجماً يمتاز عن نجم في المجد (1كو15: 41), وهكذا يكون عند مجيء ملكوت الابن, فالمسيح سيبقى هو مركز النور والضياء. وعلى الكنيسة الآن أن تعكس نوره على كل الذين هم حولها. أما القديسون فسيضيئون في مداراتهم الخاصة بهم بحسب ما يرى ذلك الديّان العادل البار عند توزيع الأجرة على مستحقّيها جزاء الخدمات التي أدوها بأمانة في ليل غياب سيدهم. إن هذا الفكر ليَبعث فينا الغيرة والسعي الحثيث لإتباع ربنا الغائب عنا الآن (لو19: 12-19). ثم نقرأ عن الخلائق العجماوات. وهنا نرى الحياة وقد ابتدأت تدب على وجه الأرض وفي وسط البحر. نعم بعض المفسرين أخذوا ترتيب خليقة الله في الأيام المتوالية رمزاً إلى تدابير الدهور المختلفة وما يميزها عن بعضها البعض, إلا أنني ألاحظ هنا أنه يُخشَى من استعمال كلمة الله بهذه الصورة لئلا يُفسَح المجال للخيال الفكري. وأشير على من يقصد أن ينهج هذا المنهج أن يلاحظ مقارنة الروحيات بالروحيات لئلا يقع في حبائل الخطأ. أما أنا فلا أرى سبباً لإتباع هذه الخطة في الشرح, وبحسب فكري يجب المحافظة على معاني الكلمات حسب النص الإلهي. والآن لنتأمل في مركز الإنسان كما أقامه الله على أعمال يديه. لأنه بعدما أبدع الله كل شيء رأى ضرورة وجود رأس لتلك الخليقة. وَقَالَ اللهُ: «نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ». فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَراً وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ. وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَأكْثُرُوا واملئوا الأَرْضَ وَأَخْضِعُوهَا وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ» (1: 26-28). ليلاحظ القارئ العزيز انتقال الوحي في الكلام عن الإنسان من صيغة المفرد إلى صيغة الجمع. لم يذكر الوحي شيئاً عن المرأة إلا في الأصحاح الثاني ومع ذلك فإنه تكلم عن أكثر من واحد في قوله وباركهم وأعطاهم أن يتسلطوا, لأن حواء كانت في آدم حينئذ وقد نالت البركة فيه, وكل الخليقة قد خُلقت من أجلها معاً, وفيه قد نالت مقاماً, ومع أنها لم تكن في الوجود بعد إلا أنها كانت في مقاصد الله واحداً في الرجل. رأت عيناك أعضائي وفي سفرك كلها كتبت يوم تصورت إذ لم يكن واحد منها (مز139: 16). وهكذا الأمر مع الكنيسة أيضاً, عروس المسيح. فمقامها منذ الأزل كان في المسيح رأسها وسيدها وعريسها. كما نقرأ في الأصحاح الأول من أفسس كما اختارنا فيه قبل تأسيس العالم لنكون قديسين وبلا لوم قدامه في المحبة, فقبل أن يوجد عضو من أعضاء جسد المسيح في الوجود كانوا جميعهم معيَّنين حسب فكر الله الأزلي ليكونوا مشابهين صورة ابنه. فمشورة الله تقضي أن الكنيسة تكون ملء ذلك الإنسان الروحي وكماله, ولذلك قيل عنها إنها ملء الذي يملأ الكل في الكل (أف1: 23), وهو مقام سامٍ, فيه سر عظمة ومجد وأهمية الكنيسة. إن الفكر الشائع بين جمهور الناس أن الفداء له بركات وفوائد تتجه نحو المؤمنين كأفراد؛ ولكن هذا ليس هو الفكر الأسمى, ولو أنه صحيح. إن جميع البركات الموعود بها المؤمنين هي لكل فرد منهم فعلاً بلا نزاع, ولكن هذا أقل ما يقال عن نتائج الفداء, لأن مجد المسيح مقترن بنوع أسمى, بالكنيسة, ومتعلق بوجودها. وفي هذا التعبير من القوة والبلاغة والمتانة ما لا يوجد في التعبير الأول لأني متى تحققت من كلمة الله أني عضو لازم لتكميل جسد المسيح فلا يوجد عندي أقل ريب أن كافة أعوازي ونقائصي قد وفاها هو. وهل كانت الكنيسة ضرورية للمسيح؟ نعم لأنه ليس جيداً أن يكون آدم وحده. فأصنع له معيناً نظيره وأيضاً لأن الرجل ليس من المرأة بل المرأة من الرجل ولأن الرجل لم يُخلق من أجل المرأة بل المرأة من أجل الرجل.. غير أن الرجل ليس من دون المرأة ولا المرأة من دون الرجل في الرب لأنه كما أن المرأة هي من الرجل هكذا الرجل أيضاً هو بالمرأة. ولكن جميع الأشياء هي من الله (1كو1: 8-12). إذاً فالمسألة ليست فيما بعد إمكان الله قبول وخلاص الخطاة الضعفاء المساكين, ولا هي مسألة غفران خطاياهم وقبولهم بقوة برِّ الله, بل أن الله قال ليس جيداً أن يكون آدم وحده فهو لم يترك الإنسان الأول بلا معين, ولم يشأ أن يترك الإنسان الثاني هكذا وكما أن الخليقة الأولى كانت تُعد ناقصة بدون حواء هكذا الخليقة الجديدة تعد ناقصة – ويا لخطورة هذا الفكر والمجاهرة به – بدون العروس أي الكنيسة. والآن لنتأمل في كيفية تكوين حواء, ولو أن هذا الموضوع يضطرنا إلى استطراد الكلام على جزء من الأصحاح الثاني من سفر التكوين. إن الله لم ير في كل الخليقة مُعيّنة تليق بآدم, إذ كان ينبغي أن يوقع عليه سباتاً أي نوماً عميقاً, وفي أثناء ذلك تتكون من جسمه معينة له تشاركه في بركاته وفي سلطانه. فَأَوْقَعَ الرَّبُّ الإِلَهُ سُبَاتاً عَلَى آدَمَ فَنَامَ فَأَخَذَ وَاحِدَةً مِنْ أَضْلاَعِهِ وَمَلَأَ مَكَانَهَا لَحْماً. وَبَنَى الرَّبُّ الإِلَهُ الضِّلْعَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ آدَمَ امْرَأَةً وَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ. فَقَالَ آدَمُ: «هَذِهِ الْآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هَذِهِ تُدْعَى امْرَأَةً لأَنَّهَا مِنِ امْرِءٍ أُخِذَتْ» (2: 21-23). وإذا اعتبرنا آدم وحواء رمزاً للمسيح والكنيسة, كما هو ثابت من كلمة الوحي نفسها, نرى كيف أن موت المسيح كان لا بد منه لكي يمكن أن تُبنى الكنيسة أو تتكون, ولو أنها حسب مقاصد الله مختارة في المسيح قبل تأسيس العالم. غير أنه يوجد فرق بين مشورات الله المحتومة السابقة وبين إعلان تلك المقاصد والمشورات أو تنفيذها. ولكي يتم قصد الله من جهة بنيان أو تكوين جسد المسيح كان ينبغي أن ابن الله يتألم ويُصلَب ثم يتبوأ كرسيه في العلا لكي يرسل الروح القدس الذي به يعتمد المؤمنون إلى جسد واحد. ليس المعنى أن النفوس لم تولد ولم تخلص إلا بعد موت المسيح. فقد كان قبل المسيح مولودون ومخلّصون بلا شك. فآدم وألوف غيره من جميع الأجيال قد حُسبوا أبرار بواسطة ذبيحة المسيح ولو أنها لم تكن قد قُدِّمت بعد. ولكن تبرير النفوس كأفراد شيء وتكوين الكنيسة بالروح القدس كشعب خاص شيء آخر . ولكن الذين يدركون هذا الفرق قليلون, وحتى الذين يقبلون هذا التعليم نظرياً لا ترى الأثمار المباركة التي تنشأ عن حق خطير كهذا إلا في القليلين من بينهم, مع أن معرفة نسبة الكنيسة الفريدة هذه وعلاقتها الجديدة بالإنسان الثاني الرب من السماء, وامتيازاتها ومركزها الخاص بها, هذه الحقائق إذا رسخت بقوة الروح القدس تثمر أشهى وأحلى الأثمار (أف5: 13-32). ومتى تأملنا في الرمز المطروح أمامنا الآن نقدر أن ندرك بعض النتائج التي ينبغي أن تتولد من التمسك بمبدأ مقام الكنيسة ونسبتها الجديدة. لأنه كيف كانت عواطف حواء الحبية من نحو آدم؟ وكم كان مقدار شغفها وتعلقها به وشركتها في جميع حاجياته! ففي مجده وفي جلاله كانت واحداً معه, ولم يملك عليها بل معها, وهو كان سيد الخليقة وهي كانت شريكته فيها. وكما قلنا, سبق الله فرآها في آدم, وفيه قد باركها. فموضوع البركة كان الإنسان ولكن المرأة كانت لازمة له ولذلك أوجدت له. وما ألذ التأمل في هذه الصورة. فالرجل هو الذي أُقيم أولاً ولكن المرأة كانت فيه وبُنيت منه. هذا كله رمز بديع ولكن لنا فيه تعليماً وإرشاداً بليغاً. ليس المعنى أننا نبني على الرمز عقائد وتعاليم ولكننا حين نرى التعليم المنصوص عنه في فصول متعددة مرموزاً إليه في موضع من الكتاب المقدس تصير لنا فرصة المقارنة والتأمل. وفي المرموز الثامن وصف جميل للإنسان الذي أُقيم على أعمال يدي الله: إذا أرى سماواتك عمل أصابعك القمر والنجوم التي كونتها فمن هو الإنسان حتى تذكره وابن آدم حتى تفتقده. وتنقصه قليلاً عن الملائكة. وبمجد وبهاء تكلله – تسلطه على أعمال يديك. جعلت كل شيء تحت قدميه. الغنم والبقر جميعاً وبهائم البر أيضاً. وطيور السماء وسمك البحر السالك في سبل المياه. أيها الرب سيدنا ما أمجد اسمك في كل الأرض. والكلام هنا عن الإنسان ولكن ليس بالانفصال عن المرأة لأن المرأة في الرجل, وهذا في غاية المناسبة. ومع ذلك فإنه لا توجد إعلانات صريحة عن سر الكنيسة في أسفار العهد القديم, والرسول بولس يقول صريحاً الذي في أجيال أُخر لم يُعرَّف به بنو البشر كما قد أُعلن الآن لرسله القديسين وأنبيائه بالروح (أي أنبياء العهد الجديد) أف3: 5-11), ولذلك فنحن لا نقرأ في مزمور 8 الذي اقتبسنا منه الأقوال السابقة إلا عن الإنسان, ولكننا نعلم الآن أن الرجل والمرأة هما واحد, وسيعلن لنا هذا تماماً في الدهور الآتية حين يتبوأ الإنسان الحقيقي (الرب من السماء) عرشه ويملك مع عروسه أي الكنيسة على الخليقة بعد ردها. هذه هي الكنيسة التي أُقيمت مع المسيح وهي أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه (أف5: 30) فهو الرأس وهي جسده وكلاهما إنسان واحد, كما نقرأ أيضاً في أفسس4: 13 قوله إلى أن ننتهي جميعنا إلى وحدانية الإيمان ومعرفة ابن الله إلى إنسان كامل. إلى قياس قامة ملء المسيح. وبما أن الكنيسة هي واحد مع المسيح فسيكون لها في المجد شأن عظيم ومقام سام. وكما كانت حواء أقرب الخلائق إلى آدم لأنه لم يكن سواها جزء منه, هكذا سيكون شأن الكنيسة عندما يأتي المسيح في مجده, لأنها ستأخذ أقرب مكان من المسيح. على أن تأملاتنا الآن تقتصر على مستقبل الكنيسة بل على حاضرها أيضاً. فهي الآن جسد المسيح الرأس المجيد, وهي الآن هيكل الله الذي يسكنه بالروح. فأي أناس يجب أن نكون نحن؟ وإذا كان هذا هو مقامنا الآن وهذا هو نصيبنا المستقبل في المجد الذي سيكون لنا بنعمة الله مكان فيه فكم يليق بنا أن نسلك في القداسة ونعيش بالتعبد كشعب منفصل متميز. يا ليت الروح القدس يكشف هذه الحقائق لقلوبنا بقوة ووضوح أكثر لكي تتعمق في اختبار العيشة والتصرف اللائقين بهذه الدعوة السامية التي دعينا بها (أف1: 14) مستنيرة عيون أذهانكم لتعلموا ما هو رجاء دعوته وما هو غنى مجد ميراثه في القديسين وما هي عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين حسب عمل شدة قوته الذي عمله في المسيح إذا أقامه من الأموات وأجلسه عن يمينه في السماويات فوق كل رياسة وسلطان وقوة وسيادة وكل اسم يسمى ليس في هذا الدهر فقط بل في المستقبل أيضاً وأخضع كل شيء للكنيسة التي هي جسده ملء الذي يملأ الكل في الكل (أف1: 18-23)
Posted on: Fri, 18 Oct 2013 04:58:24 +0000

Trending Topics



Recently Viewed Topics




© 2015