مفهوم السياسة من المنظورين المعياري - TopicsExpress



          

مفهوم السياسة من المنظورين المعياري والتجريبي يمكن النظر إلى مفهوم السياسة من زاويتين، من جهة المقصد والباعث والغاية، فالسياسة من هذه الزاوية عمل ديني من حيث أنها مجموعة من الوسائل التي توظف لتحقيق توجهات الدين وغاياته الكبرى، وتحقيق رسالته في الهداية على مستوى الفرد، والعدل على مستوى المجتمع، ونشر الدعوة عن طريق الجهاد. يجيل هذا المعنى على التعريفات التي أعطاها مفكرو الإسلام لمفهوم السياسة، ومنها إحالاته على ابن القيم الذي أدرج السياسة في عموم الشريعة باعتبارها وسيلة شرعية لتحقيق العدل الإلهي. إلى جانب إحالته عن ابن الصلاح حيث ترمز السياسة إلى « وضع يكون الناس فيه أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد، وإن لم يضعه الرسول ولا نزل به وحي ».( ابن القيم) من جهة ثانية، هناك منظور آخر للسياسة، وهو منظور واقعي وعملي وتجريبي. فتعريف السياسة من هذا المنظور يحيل أكثر على المجال السياسي كمكان تتنافس فيه المصالح بين الأفراد والمجموعات، بما يعرفه من ضغط وتبادل وصراع وتنازل حسب ميزان القوى. يترجم التعريف الاخير نظرة مغايرة إلى السياسة، إذا كانت النظرة الأولى تركز على جوهر السياسة وغاياتها، مما يجعل منها مجرد وسائل لتحقيق الدين وسياسة الدنيا به، فإنها حسب النظرة الثانية مجال للصراع والتنافس المتبادل، مما يحتم على أية قوة يزيد الانخراط في هذا المجال امتلاك برامج وتكييف إمكانياتها واستراتيجياتها وفق وضعيتها في ميزان القوى. لا اظن بان هناك أية مفارقة في التعريفين، لأن اعتبار السياسة مجالا للصراع مع ربط غايتها بغايات الدين يكشف عن رغبة الخطاب في إضفاء الطابع القيمي والمعياري على السياسة لتقويمها ((valorisation de la politique، إذ يمكن، من خلال نظرية متكاملة وبنائية structurée للدين بالنسبة أن يكون المصدر الذي من شأنه أن يمد السياسة بهذا المبدأ الأخلاقي، فتخليق السياسة وإضفاء القيمية عليها لا يمكن أن يتم إلا إذا اندرجت في نطاق الدين لتستمد منه المشروعية والباعث والغاية، في حين أن الفصل بين الدين والسياسة إفراغ لها من محتوياتها العقائدية والروحية والأخلاقية.
Posted on: Mon, 22 Jul 2013 18:19:15 +0000

Trending Topics



Recently Viewed Topics




© 2015