المعبود هو الربّ الإله الله: هو اسم - TopicsExpress



          

المعبود هو الربّ الإله الله: هو اسم الذَّات العليَّة الجامع لذا تضاف الأسماء الحسنى كلّها إليه قال تعالى : ولله الأسماء الحسنى، أصله الإله حذفت همزته ، وأدغموا اللام باللام، فصارتا في اللفظ لام واحدة مشددة، فخص بالباري تعالى ولتخصصه به قال تعالى: (هل تعلم له سميا) . مادة كلمة (الإله): الهمزة واللام والهاء، وقد جاء في معاجم اللغة من هذه المادة ما يأتي بيانه فيما يلي انظر تفسير ابن كثير 1/19-20، وتفسير النيسابوري بحاشية تفسير الطبري 1-65 – 66.) [ألهتُ إلى فلان]: سكنت إليه [ألهَ الرجل يأله] إذا فزع من أمرٍ نزل به فألهه أي أجاره [ألِه الرجلُ إلى الرجل]: اتجه إليه لشدة شوقه إليه. [اله الفصيل] إذا ولع بأمّه [أله الإهة والُوهَة] عبد. وقيل (الإله) مشتق من (لاه يليه ليهاً]: أي احتجب .. و القاعدة في اللغة العربية أن الكلمات ذات المادة الواحدة ، يكون فيما بينها ترابط ، و لو تأملنا مدلولات هذه المعاني التي جعلت "اله ياله إلهة" تستعمل بمعنى العبادة – (أي التأله) – (الاله) بمعنى المعبود هي : قضاء الحاجة والإجارة والتهدئة والتعالي والهيمنة وتملك القوى التي يرجى بها أن يكون المعبود قاضياً للحاجات مجيراً في النوازل وأن يكون متوارياً عن الأنظار يكاد يكون سراً من الأسرار لا يدركه الناس، وأن يفزع إليه الإنسان ويولع به. و القرآن علمنا أن هذه المعاني كلها من خصائص الألوهية فقال : { ألا بذكر الله تطمئن القلوب } { و على الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين }{ و إنه كان فريق من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا } {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا } { و الذين آمنوا أشد حباً لله } { يحبهم و يحبونه } { و حب رسول الله يأتي تبعاً لحب الله بإذنه { أحبوا الله لما يغذوكم من نعمه و أحبوني لحب الله إياي و أحبوا آل بيتي لحبي } { أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون و لقد أوحي إليك و إلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك و لتكونن من الخاسرين ، بل الله فاعبد و كن من الشاكرين } وإله حقه ألا يجمع، إذ لا معبود سواه، لكن العرب لاعتقادهم أن ههنا معبودات جمعوه، فقالوا: الآلهة. قال تعالى: (أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا) [الأنبياء/43] .. و إذا ما كان المعنى الأساسي في كلمة الإله هو المعبود .. فماذا تعني هذه الكلمة : إن مادة عبد في اللغة هي ( العين و الباء و الدال ) يأتي منها : (العبد) المملوك و هو خلاف الحر ، وقد ورد في القرآن { و تلك نعمة تمنها علي أن عبّدت بني إسرائيل } أي إتخذتهم عبيداً . (العبادة) الطاعة مع الخضوع ، وقد ورد في القرآن { ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان } أي ألا تطيعوه ، { و قومهما لنا عابدون } أي خاضعون مطيعون . (المعبَّد) المكرم المعظم ، و منه قول الشاعر : - أرى المال عند الباخلين معبدا – (وعبد به): لزمه فلم يفارقه. (ما عبدك عني) أي ما حبسك عني . ويتضح من هذا الشرح لمادة (ع ب د) أن مفهومها الأساسي أن يذعن المرء لعلاء أحد وغلبته، ثم ينزل له عن حريته واستقلاله ويترك إزاءه كل المقاومة والعصيان وينقاد له انقياداً. و لو أنّك تأملت هذه المعاني المختلفة لهذه المادة ، فإنّك تجد الترابط التام بينها ، فلا يُحبس إلا من يستعبد نوع عبودية ، ومن استعبدت له لزمته و عظمته و أطعته ، و خضعت له و تنازلت له عن كثير من حريتي ، فصارت كلمة المعبود تتضمن معاني : المالك المطاع المعظم المستمسك به . فعندما قلت لا معبود إلا الله أي لا مالك لي و لغيري و لا مطاع ولامعظم و مستمسك به إلا الله . و إذا تأملنا القرآن وجدنا فعلاً أن من خصائص الذات الإلهية هذه المعاني : { و لله ملك السماوات و الأرض } { قل أطيعوا الله و الرسول } و طاعة الرسول طاعة لله على الحقيقة { من يطع الرسول فقد أطاع الله } { و هو العلي العظيم } { اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون } { قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس } فالمعبود هو الرب الإله .. إذ أنّ مادة كلمة (الرب): الراء والباء المضعَّفة ، تدل على أصول، فالأول: إصلاح الشيء والقيام عليه، فالرب: المالك، والخالق، والصاحب، والرب: المصلح للشيء.. والأصل الآخر: لزوم الشيء والإقامة عليه، وهو مناسب للأصل الأول..، والأصل الثالث: ضم الشيء للشيء وهو أيضاً مناسب لما قبله: ومتى أنعم النظر كان الباب كله قياساً واحداً .. ومعناها الأصلي الأساسي: التربية، ثم تتشعب عنه معاني التصرف والتعهد والاستصلاح والإتمام والتكميل، ومن ذلك كله تنشأ في الكلمة معاني العلو والرئاسة والتملك والسيادة. ودونك أمثلة لاستعمال الكلمة بتلك المعاني المختلفة: ( رب الولد): إذا رباه و تكفله بالرعاية و التنشئة حال فحال إلى حد الإدراك ، و ( رب الضيعة ) : إذا تعاهدها و أصلح أمرها و رعاها . ( رب الدار و رب الإبل ) : أي صاحبها و مالكها ، و منه الحديث : أرب غنم أم رب إبل ؟ أي أمالك ...؟ ... وتأتي كلمة الرب بمعنى السيد أيضاً فتستعمل بمعنى ضد العبد أو الخادم. ( رب فلان قومه ، و ربيت القوم ) إذا حكمتهم و سستهم ، فانقادوا لك و اجتمعوا عليك و منه ( فلان يرب الناس ) أي يجمعهم و يسمى مكان الإجتماع (بالمرّبّ) و (التربُّب) .. وبقليل من التأمل يُلاحظ الترابط بين هذه المعاني ، فالمالك يسوس ، و يتعهد و يصلح و يربي ، و المربي له سلطان وسيطرة و نوع ملك . و بالنسبة للذات الإلهية فالله على الحقيقة هو مالك كل شيء ، و هو السيد و الحاكم ، و ليس لغيره من سيادة و لا حاكمية ، و هو خلق و ربى و أصلح شأن الكون و يرعاه .. هذا بيان ما يتشعب من كلمة (الرب) من المعاني. وقد أخطأوا لعمر الله حين حصروا هذه الكلمة في معنى المربي والمنشئ، ورددوا في تفسير (الربوبية) هذه الجملة (هو إنشاء الشيء حالاً فحالاً إلى حد التمام). والحق أن ذلك إنما هو معنى واحد من معاني الكلمة المتعددة الواسعة. و إذا تأملنا القرآن نجد أن القرآن ذكر أن هذه المعاني المتعددة الواسعة كلها من خصائص الربوبية : { ألا له الخلق والأمر} { إن الحكم إلا لله } {الحمد لله رب العالمين } { قال فمن ربكما يا موسى ، قال : ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى } { قال فرعون و ما رب العالمين ، قال ، رب السماوات و الأرض و ما بينهما إن كنتم توقنون } و جميع الأمم التي قد وصمها القرآن بالظلم والضلال وفساد العقيدة من لدن أعرق العصور في القدم إلى زمن نزول القرآن، لم تكن منها جاحدة بوجود الله تعالى ولا كانت تنكر كون الله رباً وإلهاً بالإطلاق. بل كان ضلالها الأصلي المشترك بين جميعها أنها كانت قد قسمت المعاني الخمسة لكلمة (الرب) التي قد حددناها في بداية هذا الباب – مستشهدين باللغة والقرآن – قسمين متباينين: فأما المعاني التي تدل على أن (الرب) هو الكفيل بتربية الخلق وتعهده وقضاء حاجته وحفظه ورعايته بالطرق الخارجة عن النظام الطبيعي، فكانت لها عندهم دلالة أخرى مختلفة، وهم وإن كانوا لا يعتقدون إلا الله تعالى ربهم الأعلى بموجبها، إلا أنهم كانوا يشركون به في الربوبية الملائكة والجن والقوى الغيبية والنجوم والسيارات والأنبياء والأولياء والأئمة الروحانيين. وأما المعنى الذي يدل على أن (الرب) هو مالك الأمر والنهي وصاحب السلطة العليا، ومصدر الهداية والإرشاد، ومرجع القانون والتشريع، وحاكم الدولة والمملكة وقطب الاجتماع والمدنية، فكانت له عندهم دلالة أخرى متباينة: وبموجب هذا المفهوم كانوا إما يعتقدون أن النفوس الإنسانية وحدهم رباً من دون الله، وإما يستسلمون لربوبية تلك النفوس في شؤون الأخلاق والمدنية والسياسة مع كونهم يؤمنون إيماناً نظرياً بأن الله هو الرب، هذا هو الضلال الذي مازالت تبعث لحسمه الرسل عليهم السلام من لدن فجر التاريخ، ولأجل ذلك بعث الله أخيراً محمداً صلى الله عليه وسلم. وكانت دعوتهم جميعاً أن الرب بجميع معاني الكلمة واحد ليس غير، وهو الله تقدست أسماؤه. والربوبية ما كانت لتقبل التجزئة ولم يكن جزء من أجزائها ليرجع إلى أحد من دون الله بوجه من الوجوه، وأن نظام هذا الكون مرتبط بأصله ومركزه وثيق الارتباط، قد خلفه الله الواحد الأحد، ويحكمه الفرد الصمد، ويملك كل السلطة والصلاحيات فيه الإله الفذّ الموحد! فلا يد لأحد غير الله في خلق هذا النظام ولا شريك مع الله في إدارته وتدبيره ولا قسيم له في ملكوته. وبما أن الله تعالى هو مالك السلطة المركزية، فإنه هو وحده ربكم في دائرة ما فوق الطبيعة، وربكم في شؤون المدنية والسياسة والأخلاق، ومعبودكم ووجهة ركوعكم وسجودكم، ومرجع دعائكم وعماد توكلكم، والمتكفل بقضاء حاجاتكم، وكذلك هو الملك، ومالك الملك، وهو الشارع والمقنن، وهو الآمر والناهي. وكل هاتين الدلالتين للربوبية اللتين قد فصلتم إحداهما عن الأخرى لجاهليتكم، هي في حقيقة الأمر قوام الألوهية وعمادها وخاصة إلهية الإله. لذلك لا يمكن فصل إحداهما عن الأخرى، كما لا يجوز أن يشرك مع الله أحد من خلقه باعتبار أيهما. وأما الأسلوب الذي يدعو به القرآن دعوته هذه فها هو ذا بعبارته: (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل والنهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، ألا له الخلق والأمر، تبارك الله رب العالمين) (الأعراف: 54) (قل من يرزقكم من السماء والأرض، أمّن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله، فقل أفلا تتقون. فذلكم الله ربكم الحق، فما بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون)(يونس: 31-32) (خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى) .. (ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون) (الزمر: 5،6) (الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصراً) (ذلكم الله ربكم خالق كل شيء لا إله إلا هو فأنى تؤفكون) … (الله الذي جعل لكم الأرض قراراً والسماء بناءً وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات، ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين. هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين) (غافر: 61، 62، 64، 65) (والله خلقكم من تراب) … (يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كلٌ يجري لأجل مسمى، ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير. إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم) (فاطر: 11 و 13-14) (وله من في السماوات والأرض كل له قانتون) .. (ضرب لكم مثلاً من أنفسكم هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواءٌ تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصّل الآيات لقومٍ يعقلون. بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم).. (فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها، لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون) (الروم: 26 و 28 – 29،30) (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطوياتٌ بيمينه سبحانه وتعالى عما يُشركون) (الزمر: 67) (فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين. وله الكبرياءُ في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم) (الجاثية: 36-37) (رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا) (مريم: 65) (ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه) (هود: 123) (رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا) (المزمل: 9) (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون وتقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا راجعون) (الأنبياء: 92-93) (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء) (الأعراف: 3) (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواءٍ بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله) (آل عمران: 64) (قل أعوذ برب الناس. ملك الناس. إله الناس) (الناس: 1-3) (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً) (الكهف:110) فبقراءة هذه الآيات بالترتيب الذي سردناها به، يتبين للقارئ أن القرآن يجعل (الربوبية) مترادفة مع الحاكمية والملكية (Sovereignty) ويصف لنا (الرب) بأنه الحاكم المطلق لهذا الكون ومالكه وآمره الوحيد لا شريك له. وبهذا الاعتبار هو ربنا ورب العالم بأجمعه ومريبنا وقاضي حاجاتنا. وبهذا الاعتبار هو كفيلنا وحافظنا ووكلينا. وطاعته بهذا الاعتبار هي الأساس الفطري الصحيح الذي يقوم عليه بنيان حياتنا الاجتماعية على الوجه الصحيح المرضي، والصلة بشخصيته المركزية تسلك شتى الأفراد والجماعات في نظام الأمة. وبهذا الاعتبار هو حري بأن نعبده نحن وجميع خلائفه، ونطيعه ونقنت له. وبهذا الاعتبار هو مالكنا ومالك كل شيء وسيدنا وحاكمنا. لقد كان العرب والشعوب الجاهلية في كل زمان اخطأوا – ولا يزالون يخطئون إلى هذا اليوم – بأنهم وزعوا هذا المفهوم الجامع الشامل للربوبية على خمسة أنواع من الربوبية، ثم ذهب بهم الظن والوهم أن تلك الأنواع المختلفة للربوبية قد ترجع إلى ذوات مختلفة ونفوس شتى، بل ذهبوا إلى أنها راجعة إليها بالفعل. فجاء القرآن فأثبت باستدلاله القوي المقنع أنه لا مجال أبداً في هذا النظام المركزي لأن يكون أمر من أمور الربوبية راجعاً – في قليل أو كثير- إلى غير من بيده السلطة العليا، وأن مركزية هذا النظام نفسها هي الدليل البيّن على أن جميع أنواع الربوبية مختصة بالله الواحد الأحد الذي أعطى هذا النظام خلقه. ولذلك فإن من يظن جزءاً من أجزاء الربوبية راجعاً إلى أحد من دون الله، أو يرجعه إليه، بأي وجه من الوجوه، وهو يعيش في هذا النظام، فإنه يحارب الحقيقة ويصدف عن المواقع ويبغي على الحق، وباقي بيديه إلى التهلكة والخسران بما يتعب نفسه في مقاومة الحق الواقع.
Posted on: Wed, 26 Jun 2013 09:15:24 +0000

Trending Topics



Recently Viewed Topics




© 2015