لست معنيا بالكتاب الأسود وليس ورائي تاريخ أخاف منه ويطاردني كالكابوس...ليس لأنني مناضل سابق أو صحفي مقاوم أو شجاع أو معارض في عهد بن علي... بل لأنني اخترت وقررت وقتها أن أكون صحفيا فنيا أكتب بحرية عن الفن والابداع والجمال مع بطاقة يومية محتواها نقد اجتماعي ساخر...استمر ذلك سنوات في الصحافة تجنبت فيها شر السياسة ونارها لأنني لم أكن قادرا على التضحية ودفع ثمن الحرية الباهظ...وابعد عن الشر وغنيلو... وفي نفس الوقت لم أكن مستعدا لأكون منافقا وشاهد زور...فهربت الى الفن جبنا وصمتا,وهربا من النفاق...والصمت أشرف من النفاق... لذلك فحتى لو أصدروا مكتبة سوداء لن يجدوا عني ما يستحق ان يكون جريمة ودليل ادانة...فجريمتي الوحيدة صمتي... ولكنني عندما قرأت الكتاب الأسود أصبت بالذهول...فرغم معرفتي بأن بن علي كان جيشه الحقيقي وأمنه الاقوى هو الاعلام...لأن الاعلام هو الذي حماه وتستر عليه ودافع عنه وفرضه وحارب من اجله وتجند لخدمته وكان تحت أمره...وكان ضميرا ميتا في الوطن...ثم بعده الامن والقضاء...الا أنني لم أتوقع أن يوجد كل ذلك العار والخنار الذي كان يرتكب في الكواليس من وراء ظهر الشعب...في سوق الضمائر والمبادئ الرخيصة...وكل ذلك النزيف من المال العام الذي بل سماسرة الصحافة في السوق المحلية , و رش حتى مرتزقة الصحافة الفرنسية بالعملة الصعبة المنهوبة من دم الزوالي الذي كان بلا صوت تحت وطأة الجوع والفقر والبطالة والخوف...!!! والكتاب فيه حقائق ووثائق لا شك ولا ريب فيها...وقد أيدتها نقابة الصحفيين ولم تنتقد سوى طريقة عرضها الشعبوية وتوظيفها سياسيا او حزبيا واحتكار أرشيف وطني بدون تشاور وشراكة ولا غطاء قانوني...وهو نفس رأيي الخاص...ولكنه أيضا ليس كتابا مقدسا فربما تعرض بعض الزملاء الى مظالم...ومن حقهم التكذيب والتظلم للقضاء واثبات ذلك لرد الاعتبار لهم...أما العاجزون عن اثبات برائتهم لأن التهم ثابتة عليهم والتاريخ قبض عليهم في حالة تلبس...فلا فائدة من الهيستيريا والبذاءة والصراخ والانكار العبثي...لأن التاريخ قاس ولا يسامح ولا ينسى...وشجاعة الاعتذار واجب اخلاقي تجاه هذا الشعب المخدوع والمغدور...فالاعتذار أقل ما يستحقه اذا لم يطالبكم باعادة ما نهبتم...فلا تستكثروا عليه حتى حق ان يعرف تاريخه...واعتذروا وكفى وقاحة....!!
Posted on: Tue, 03 Dec 2013 13:49:42 +0000