الكاتب : أبو جندل الأزدي المقدمة بسم - TopicsExpress



          

الكاتب : أبو جندل الأزدي المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم على الله توكلت، وهو حسبي ونعم الوكيل إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً... يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}. أما بعد... فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكلّ مُحدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. اللهم ربَّ جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدنا لما اختُلِف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم. في صبيحة هذا اليوم الرمضاني تأملت حال الشباب المجاهد مع طواغيت الحكم في الجزيرة العربية ومع جندهم وأعوانهم من المباحث العامة ومكافحة الشغب والشرطة و... و... و... فوجدت أن المسألة واضحة بينة لمن بصره الله وهداه إلى منهج التوحيد الحق ولكنها مشكلة عويصة عند كثيرين. يقول صاحب كتاب "أعمال تخرج صاحبها من الملة" [ص: 6 - 7]: (ولعل مما زاد الطين بلة، والخرق اتساعاً، والانحراف انحرافاً... هذه الهجمة الإرجائية الضخمة الواسعة الانتشار، والمدعومة بإمكانيات وقدرات الأنظمة الطاغية الجاثمة على صدر الأمة... التي يُروج لها ولدعاتها في كل مكان من العالم... وتُقدم لهم كل التسهيلات المادية والمعنوية... لأن الطواغيت الظالمين هم المستفيدون بالدرجة الأولى من هذه الدعوة الخبيثة الباطلة؛ يكفيهم منها أنها تصبغ عليهم وعلى أنظمتهم المهترئة العميلة الشرعية - مهما ظهر منهم من أعمال منافية لأصل الإيمان - التي يجب أن تُطاع من قبل الشعوب الضالة، وأن لا يُعصى أمرها في شيء! هذه الهجمة الإرجائية الضخمة التي صورت للناس أن الإيمان يكفي فيه التصديق، أو ما وقر في القلب وإن لم يصدقه العمل... وأحسنهم حالاً الذي اشترط له الإقرار باللسان... ومن أضاف منهم العمل فهو للكمال؛ فوجوده وعدمه لا يؤثر على الإيمان وجوداً أو انتفاء... وبالتالي فالناس عندهم كلهم مؤمنون ومن أهل الجنة وإن لم يأتوا بشيءٍ من الأعمال أو الطاعات... ومهما أتوا من الأعمال المكفرة المتفق على خروج صاحبها من الملة! لا تزال إلى الساعة كثير من الجماعات والجامعات التي تدرس الإيمان على أنه التصديق الجازم فقط... فمن أتى بالتصديق الجازم فهو مؤمن، ومن أهل الجنة وإن لم يأت بشيء من الأعمال والطاعات... ومهما كان ظاهره يدل على التمرد على أحكام وقيود الشريعة! فراج هذا المذهب الضال الخبيث على كثير من الناس... فاستهوته أنفسهم الأمارة بالسوء... ولامس بشاشة رغباتهم ونزواتهم وضعفهم، وحبهم للكسل وترك العمل... وأوجد لهم المبررات والمسوغات الشرعية - بزعمهم - لما هم فيه من تقصير وتفلت من أحكام وقيود الشريعة! والشر لم يقتصر على جانب ترك العمل وحسب... بل تعداه إلى اختلاط الأنساب وضياع الحقوق والواجبات؛ فكم من فتاة مسلمة موحدة تُزوّج من رجل كافر مرتد، وتنجب منه الأطفال... تحت ستار وغطاء أن العمل لا يدخل في الإيمان، ولا يُعتبر شرطاً لصحته... وبالتالي لا حرج لو تزوجت من ذلك الخبيث المرتد، أو بقيت تحت ذمته وولايته!) اهـ. وقد استغربت كثيرا عند حدوث قصة الأخ عزيز العمري في مدينة جدة عندما واجه أولئك الأذناب فقتل منهم من قتل وجرح منهم من جرح ثم لاذ بالفرار وهو طليق الآن كما بلغني بالسند العالي، أقول: استغربت من كلام فئام من الناس يلقون جام غضبهم على هذا الأخ المظلوم المعتدى عليه وما القوا كلمة واحدة في ذم هؤلاء الأنجاس أعوان طواغيت آل سعود؟! وهاهي القضية في ازدياد والمواجهة لاحت في الأفق للجميع والأمر يتطور يوما بعد يوم ووعي الشباب يزداد بالخطر الحالي من هؤلاء الأذناب الأنجاس إذ يريدون لمخططات نايف ومن خلفه أسياده الأمريكان أن تمر دون أي إزعاجات بل والشباب المجاهد والمشايخ الصادقين على قلتهم في الزنازين الانفرادية والجماعية وما علموا أن الشباب قد تسلحوا وتواصوا على ذلك وانتشرت هذه الظاهرة بينهم وهي في ازدياد وهاهي قضية الشباب في الرياض تبين حقيقة ما أقول. * * * وقد ذكرت "الحركة الإسلامية للإصلاح" في نشرتها رقم [341] الآتي: (ليست مجرد مواجهة: نقلت وسائل الإعلام عن الحركة مساء أمس خبر المعركة التي وقعت بين قوات الأمن السعودية وعدد من الشباب الجهادي الذين يصل عددهم إلى خمسين شخصا وذلك في حي الشفا جنوب الرياض أسفرت عن إصابة ثمانية من رجال الأمن واعتقال أحد الجهاديين وتمكن البقية من الاختفاء... والحادثة وحيثياتها وطريقة تناول الدولة لها ثم رد فعل الأمير نايف على إعلان الحركة لتفاصليها يستدعي مناقشتها بشكل مستفيض. وصف الحادثة: حصلت الحادثة صباح السبت 16 نوفمبر حيث تبلغت قوات الأمن عن التجمع فحاصرت الموقع ودخلت مجموعة من قوات الأمن لاعتقال المجتمعين وإذا بعدد كبير منهم يحمل السلاح حيث بادروا بالإمساك بأحد رجال الأمن ووضع السلاح في رأسه واستخدامه رهينة من اجل مطالبة المباحث بالانصراف وتأمين عملية الهروب... وفعلا تراجعت قوات الأمن ورتب المجتمعون عملية الهروب ثم أطلقوا سراح الضابط الرهينة... وبعد إطلاق الرهينة عاد رجال الأمن وحاولوا ملاحقة الهاربين وحصلت معركة نارية كثيفة أصيب فيها ثمانية من رجال الأمن إصابات بعضهم بليغة واعتقل واحد فقط من المجتمعين إثر إصابته وعدم تمكنه من الهروب أما الباقون فتمكنوا من الفرار... وشنت قوات الأمن إثر ذلك حملة متابعة وتفتيش في المنطقة لمتابعة الفارين ولم يعرف إن ظفرت بأحد منهم... وعلمت الحركة أن اثنين من المصابين من المباحث ربما يكونوا قد توفوا ومصاب ثالث في حالة خطرة. مقدمات الحادث وحيثياته: لم تكن هذه الحادثة معزولة أو استثنائية، بل إن القريبين من الجهاز الأمني يؤكدون أن الأشخاص المحسوبين على التيار الجهادي سرت بينهم ظاهرة مقاومة الاعتقال باستخدام السلاح، وسجلت حوادث من هذا القبيل في جدة ومكة ومدن أخرى في المملكة جرى فيها إطلاق نار على رجال المباحث وتمكن المطلوبون من الإفلات من الاعتقال... كما سجلت حالات انتقام من رجال المباحث الذين يزاولون مطاردة واعتقال وتعذيب الشخصيات الجهادية وانتشرت ظاهرة رفع السلاح في وجه رجال الأمن في الطرق الطويلة عند طلب الهويات أوالتفتيش... هذا فضلاً عن ظاهرة الحرص على اقتناء السلاح وتجارة السلاح في كل شرائح المجتمع وليس الجهاديين أو المتدينين... وتأتي هذه التطورات في نظرنا كنتيجة طبيعية لعدة عوامل منها: الأول: تلاشي الشرعية الدينية للدولة التي كانت توفر الطاعة للنظام وتمنع الناس من رفع السلاح في وجه من يمثل الدولة وتؤمّن انصياع الجمهور لأي سلطة متفرعة عن الدولة... وربما كان من أقوى أسباب انحسار هذه الشرعية انكشاف المؤسسة الدينية انكشافا مزريا واقتناع الجمهور أن العلماء الرسميين مجرد موظفين في جهاز الخدمة المدنية ومواقفهم تجاه القضايا السياسية تلقن لهم تلقينا من قبل النظام نفسه... الثاني: سقوط هيبة النظام بشكل عام - بغض النظر عن الشرعية الدينية - ودليل ذلك تنامي الجريمة بشكل صارخ واستخفاف المجرمين بقوات الأمن إلى درجة أن أصبح بعض المراهقين يتفاخر بضرب الشرطة في الأماكن العامة حيث سجلت عدة حالات من هذا القبيل... وتفيد معلومات الحركة من داخل الجهاز الأمني أن رجل الأمن لم يعد له قيمة أمام الجمهور حتى أصبحت مناكفة رجل الأمن أو تحديه أو رفع السلاح في وجهه أمرا طبيعيا حينما يطلب وثيقة تعريف. الثالث: تبين بعد 11 سبتمبر أن حماس النظام السعودي لمطاردة عناصر الجهاد إنما يحصل تنفيذاً لأوامر أمريكية وليس توفيرا للأمن الداخلي وأنه بذلك ساد شعور لدى شباب الجهاد أن الإستئسار لقوات الأمن هو استئسار للإرادة الأمريكية... ومع موجة البغض العارمة لأمريكا والعداوة الصارخة لها لدى الناس عموما والرغبة في قتالها لدى شباب الجهاد فقد أصبح الموقف النفسي تلقائيا هو في رفض الإستئسار. الرابع: صدور فتاوى من بعض المشايخ يتداولها شباب الجهاد سراً بعدم الإستئسار لقوات الأمن كان أهمها فتوى منسوبة للشيخ حمود العقلا الشعيبي رحمه الله [1] قبل أن يتوفى... ويدور حديث في الأوساط القريبة من شباب الجهاد أن توجيهات صدرت من القاعدة للمنتمين لها والمحسوبين عليها بعدم الاستئسار، ولكن في نفس الوقت تجنب مبادأة قوات الأمن بأي مواجهة منعا لاستعداء هذه القوات الذين يقال أن بينهم الكثير من المتعاطفين مع بن لادن. الخامس: شعور الناس عموما وشباب الجهاد خصوصا - لما لديهم من معلومات عن خطط القاعدة - أن وضع البلد والمنطقة كلها سيرتبك، وأن النظام مشرف على التفكك والانهيار... ويتبع هذا الشعور قناعة بأنه ليس من حق نظام مهتريء أن يرمي هذا الشباب المتطلع لأدوار كبيرة في المستقبل أن يكون في غياهب السجون. سياسة الوزارة إلى الوراء: الدولة من انحسار في هيبتها وتلاشي في شرعيتها ألا أن وزير الداخلية لا يزال يتصرف بتجاهل كامل لكل هذه التطورات... السياسة المتبعة حاليا من قبل الوزارة هي نفس السياسة المتبعة قبل عشر سنوات رغم ما ذكر أعلاه من تطورات حول جرأة شباب الجهاد على مواجهة الدولة ورغم ما تعانيه سواء في أهدافها أو أساليبها أو متابعاتها... ولا تزال الوزارة تفرغ معظم كادرها ومقدراتها للأمن السياسي ولا تزال تعتبر الشباب المتدين بشقيه الإصلاحي والجهادي المستهدف الأول من هذه الخطة الأمنية... وقد ولد هذا الإصرار من قبل الأمير نايف تململا في أوساط عدد كبير من رجال الأمن، إما لأسباب مبدئية كون رجال الأمن أصبحوا يشعرون أنهم عمليا في مواجهة الشعب نفسه وفي خدمة الأمريكان، أو لأسباب مصلحية حيث يخاف رجال الأمن على حياتهم كونهم يواجهون شبابا مستقتلا لا يعني عندهم الموت شيئا... وبرزت كذلك ظاهرة خطيرة عند رجال الأمن وهي زوال الحماس لخدمة النظام لأنهم من أكثر الناس قناعة بهشاشة النظام كونهم على إطلاع على مستوى الجريمة وقوة التحدي الأمني الذي يواجه الدولة وتكاثر الجبهات التي أصبحت الدولة تواجهها. الأمير نايف يتحدث بنفسه هاتفيا! متى كان الأمير نايف ليقفز إلى الهاتف في منتصف الليل من أجل أن يجيب على أسئلة صحفيين لو لم يكن نشر الخبر قد أصاب من وزارة الداخلية مقتلا؟ لم تكن وزارة الداخلية تنوي نشر أي شيء مطلقا بل إن الضباط لديهم تعليمات صارمة بتكتم شديد وتهديد بعقوبات لم يسبق لها مثيل لمن يسرب المعلومات، ومع ذلك فقد كانت أجهزة الأمن أحد مصادر الحركة والحمد لله... الأمر المثير أن الأمير نايف يقول إنه لا توجد حوادث أخرى ولا إعتقالات ولو وجدت لأعلنتها الوزارة ونسي الأمير نايف أنه لم يتحدث إلا ردا على الحركة... بل إن سجل وزارة الداخلية في الاعتراف بالمواجهات أو الإعتقالات أو الحوادث معروف بأن الوزارة يستحيل أن تصدر تصريحا إلا بعد صدوره من طرف آخر... وينطبق ذلك على حوادث التفجيرات التي تتسرب إلى الإعلام عادة من السفارات كما ينطبق على حالات الاعتقال والحوادث والمحاولات المحبطة... بل إن حدثا كبيرا مثل أزمة بريدة سنة 1414 لم يكن لدى الوزارة نية لإعلانه لولا أنه نشر من طرف مكاتب اللجنة آنذاك... لكن مساء الحادث اضطر الأمير نايف لأن يتحدث هاتفيا وفي منتصف الليل مع قناة mbc في تكذيب خبر الحركة من أجل أن يعالج الموقف بعد نشر وكالة الأنباء الفرنسية للخبر) اهـ ولذا أقدم هذا البحث المتواضع في هذا الوقت لأهميته للشباب حتى يقدموا دون وجل أو تردد في مواجهة هذا العدو الصائل المجمع على دفعه بين علماء السلف ولقلة الكاتبين في هذا الموضوع إما لأسباب أمنية أو سياسية أو للقمع الفكري الذي يمارسه شيوخ آل سعود [2] أو للتربية السقيمة التي تربى عليها الكثير منا. حتى أصبح الشخص يكفر كل الأنظمة إلا آل سعود وكل الجيوش إلا جيوش آل سعود، فتسأله ما حكم مباحث باكستان الذين يطاردون الشباب المجاهد هناك؟ فيجيبك بكل سهولة أنهم كفار! ثم تسأله عن حكم برويز مشرف؟ فيجيبك أيضا بكل سهولة بأنه كافر! فلما تسأله عن آل سعود ومباحث آل سعود الذين يقومون بنفس المهمة التي يقوم بها أولئك؛ فلا وألف لا، وما ذلك إلا لبعد الشباب عن التوحيد الصافي من الكتاب والسنة وإتباعهم للإسلام المسعود أو ما أسميه أنا بـ "سعودة الإسلام" [3] المنتشر باسم السلفية المزعومة. * * * يقول صاحب "مقالات بين منهجين" فك الله أسره: (أسرّ لي بعض الأذكياء حديثاً نجيّاً سائلاً، وابتسامة تملأ شفتيه قائلاً: من هو السّلفيّ المزعوم الّذي تحدّثت عنه في مقاليك؟ وهل هناك سلفيّ مزعوم وآخر غير مزعوم؟ وما هي السّلفية الحقّة؟ وهو سؤال يدلّ على مكر صاحبه في استخراج المراد من المقابل، ويكشف لك أن الابتسامة الّتي نشرها على صفحة وجهه وراءها الكثير من النّباهة والذكاء، وهذه الأسئلة تدفعك لترك العمومات الّتي ما عادت تشفي غليلاً، ولا تطبُّ عليلاً، ولا تفيد منهوماً، ولمّا كان الأخ السّائل، قد أوهمني أن هذه الأسئلة لا بدّ أن تدور بين النّاس، بل هي قد دارت، فكان لزاماً علي أن أجيب، والإجابة بالتّصريح لا بالتّلميح. وأنا أحمد الله تعالى الّذي يسّر لي نشرة "الأنصار" الّتي لا تردّ لي مقالاً وخاصّةً تلك المقالات الّتي "تخزق الطّاقية" - وهو مثل عامّي يعني أنّ قائل الحقّ لا يبقى له صاحب - وقبل أن أكشف ستر السّلفي المزعوم فإنّه من الواجب عليّ أن أمر على تعريف السّلفية، وماذا تعني كما هي في نفسها، دون رتوش تزور حقيقتها، أو زيادات تطمس صورتها، لأنّ السّلفية شعار، وهي ككلّ الشّعارات التي تحتاج بين الفينة والأخرى إلى التّوضيح والتّجلية، لما يدخل فيها من عوامل الحياة من الدخن التي تشوّه حقيقتها، وإذا كان الإسلام في وقت عزّته قد دخل فيه من أهل النّفاق والزندقة والبدع ما شوه وجه حقيقته، والإسلام اسم رضيه الله لعباده المؤمنين على مرّ الأزمان. فكيف باسم "السّلفية"؟ فهو شعار ولا شكّ قد تلبّس به وتدثّر بدثاره قوم رأوا فيه تحقيق مكاسبهم الدّنيوية، وتحقيق أمراض أهوائهم وقلوبهم، وصاروا بهذا الشعار لهم الحقّ في ممارسة كلّ قبيح، والتّلبّس بكلّ رذيلة، والولوج في كلّ معصية. ثمّ الرّافع لهذا الشّعار يحصل له بركة أخرى وهي عظيمة، دونها تقطع الأعناق، ألا وهي هذه الجنود المجنّدة من الغوغاء، أتباع شعار السّلفية الّذين يدافعون عنه بحقّ أو بباطل تحت حجّة "هذا عقيدته صحيحة!"، هذه الجنود، أصحاب النّوايا الطّيبة، والعقول الفارغة، عملهم دوما رفع متاريس الدفاع عن أيّ سلفي، مزعوم وغير مزعوم، يصدّون عن كلّ من حام حوله بنقدٍ أو تقويم، ويطعنون بكلِّ من لا يرضى إمامته بشتَّى التّهم وأشهر هذه التّهم؛ هذا رجل لا يحترم العلماء! هذا رجل من أهل الغلوّ! هذا رجلٌ غير سلفيٍّ! وغيرها الكثير من القائمة السوداء التي اقتبسوها من إيحاء لمّة الشّيطان – عـياذاً بالله - وهذه التّهم لم ينج منها في زماننا هذا إلاّ القليل، ممّن رضي أن يربط عقله برباط التّقليد، والتّسليم لأصحاب صكوك الغفران، وقد يعجب بعض الشّباب من هذه الأقوال، ويروا فيها تهماً شنيعة، ولكن يكفي أن أذكّر القارئ المسلم بأمر يدلّه على ما وراءه، ممّا نذكره وممّا غاب عنّا، هذا الأمر هو؛ في بلاد أتقنت استخدام شعار السّلفية "العقيدة الصّحيحة"، وستر كفرها بهذا الشعار، هذه الدولة الكافرة هي "السعودية"، ولا يجهل كفر هذه الدّولة وينكره إلاّ من طمس الله بصيرته وعقله، هذه الدّولة لمجرّد رفعها هذا الشِّعار، تجنِّد للدّفاع عنها، وتبرير أفعالها قطعاناً من البشر الجاهل. أكشف لك بعض أوصافهم أو أسمائهم: 1) في إحدى العواصم الأوروبيّة - بريطانيا - جمعيّة تسمّى "جمعيّة منهاج إحياء الكتاب والسّنة"، هذه جمعية سلفية! فيما تزعم وتدّعي، وعامّة أفرادها من العجم، والكثير من قادتها تخرّجوا من الجامعات السّعودية، هذه الجماعة، لا يمكن أن تقبل حبيباً أو صديقا، يوجّه كلمة نقدٍ لدولة "التوحيد الوحيدة في العالم"، وكلّ الذّنوب تغفر ولا يؤبه لها مقابل حبّ السعوديّة ومليكها "المحبوب"، نعم إنّها سلفيّة، لكنّها "سلفية + رواتب"، ومثل هذه الجمعية الكثير من أخواتها المنتشرة في العالم الإسلامي، وخاصّة بلاد العجم كـ "جمعيّة أهل الحديث في باكستان" وفروعها المتعددة... وهي بحق جمعية أهل الحديث، ولكنّه الحديث الموضوع لا الحديث الصحيح. 2) في السّعودية قوم مهاجرون لطلب العلم من ليبيا، وهم من تلاميذ السّلفي المزعوم الدّكتور ربيع المدخلي الّذي تقدّم ذكره في مقال سابق، هؤلاء القوم أوفياء لتلك الدّولة أكثر من آل سعود أنفسهم، حتّى وصل هذا الوفاء القبيح أن يذهب هؤلاء التّلاميذ "السلفيّون" إلى دائرة الشّرطة هناك ليكشفوا للدّولة بعض الشّباب الّذين دخلوا إلى دولة "التوحيد" بطريق غير قانونيّ، أو مكثوا فيها من غير إقامة صدرت من دوائر "الإمام" المزعوم، فأخذ هؤلاء الشّباب وطردوا من "جنّة" السّلفيّين ودولتهم المزعومة، نعم إنها "سلفية" في خدمة السلفية، أو بتسمية صحيحة: "سلفيّة + عمالة"). ثم ذكر قصة كتاب الكواشف الجلية السابقة الذكر ثم قال: (هذه الصور وأمثالها الكثير في الجعبة تستدعي منّا أن نكشف لثام السَّلفية الحقّة كما هي عند أصحابها الأوفياء لها، الحامين لذمَّتها. والآن ما هي السَّلفية؟ السّلفية على مدار التّاريخ الإسلامي تتمثّل بأمرين: أولاهما: منهج علمي في التّعامل مع الأصلين - الكتاب والسنة - حيث تقوم على اعتمادهما فقط ونبذ ما سواهما في الصُّدور عنهما بالحكم المراد للحركة والحياة. ثانيهما: حركة حياة وسلوك طريق في تطبيق هذا المنهج. فالسّلفيَّة هي ذلك المنهج الّذي اختطّه الأوائل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم علماً وعملاً، هكذا هي السَّلفية وهكذا ينبغي أن تكون، ومن رحمة الله تعالى بهذا المنهج العلميّ العمليّ أن أقام له رجالاً تعاملوا معه بأسمى حالات الكمال حتّى صاروا هم المنهج، والمنهج هم، فحينئذٍ ارتبط اسم المنهج بشخوصهم وتقيّد بهم فأطلق اسم المنهج عليهم بكونهم السلف الّذين سبقوا الكلّ في تطبيق المنهج قدْراً وزماناً. فالتَّابعون تعاملوا مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم: "منهج + سلف"، ومن بَعدَهم تعامل مع التَّابعين على أنهم لهم: "منهج + سلف"... وهكذا. ولمّا كثرت البدع في نهاية القرن الثّاني وبداية القرن الثّالث، وخاصّةً بدع أهل الكلام، في تقديم منهج بدعيّ جديد في التَّعامل مع الأصلين، واختلطت الأمور، نشط أهل السنَّة في تمييز المنهج عن غيره، وكذلك في كشف رجال المنهج السَّلفي عن غيرهم من أصحاب المناهج الخلَفيّة الأخرى، وصار بعض أهل العلم هم أصحاب المنهج، ولهم ينسب، وصاروا هم المقياس في ردِّ الآخرين لهم. وقد ذكر الإمام الكرخي رحمه الله تعالى هؤلاء الرِّجال في كتاب سمّاه: "الفصول في الفصول عن الأئمَّة الإثنى عشر الفحول"، وهؤلاء الأئمة هم: مالك والشّافعي وسفيان الثَّوري وعبد الله بن المبارك، والليث بن سعد واسحق بن راهويه وأحمد بن حنبل وسفيان بن عيينة والأوزاعي ومحمّد بن إسماعيل البخاريّ وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان [4]... هؤلاء العلماء ليسوا هم فقط، ولكن غيرهم يرجع إليهم في توضيح هذا المنهج القويم... وبعد هذا نخلص إلى النّتائج التّالية: 1) تحت كلِّ شعار زيوف ونقد - وكذلك السَّلفية - ففيها الزَّيف وفيها الحق، ولذلك ينبغي التَّعامل مع الحقائق لا مع الشِّعارات، مع أهميّة الشِّعار وضرورته. 2) السّلفية منهج علميّ عمليّ، أئمّته هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم تبع لهم، فلهم وحدهم حقُّ التّقويم والرشد. 3) علينا أن ندرك خطأ وانحراف من قرن السّلفية بشخص لا يؤمن عليه الفتنة في فهمه للحركة والحياة، وكذلك علينا أن ندرك ضلال وبدعية من جعلها تنظيما وحزباً وتجمعاً، وأشدّ من هؤلاء ضلالاً وانحرافاً هو جعل السَّلفية علاقة بين أفراد، فهذا سلفيّ لأنّه معروف لهذه الجهة، أو تتلمذ على يديها، وهذا غير سلفيّ لأنّه غير معروف لديها، أو لم يسلّم لهذه الجهة رقبته لتقوده كالدَّابّة، ثمّ علينا أن ندرك خطأ وانحراف من جعل السّلفية مذهبا فقهياً، يوالي ويعادي عليه) اهـ. كتبه للمجاهدين أبو جندل الأزدي فارس آل شويل الزهراني 12/9/1423هـ [1] ستأتي الإشارة اليها. [2] ذكر أبو قتادة الفلسطيني فك الله أسره في مقالاته "مقالات بين منهجين"، المقال رقم: 9، القصة التالية: (ألّف بعض الشّباب الموحّد كتاباً سمّاه "الكواشف الجليّة في كفر الدّولة السّعودية" - ويقصد به الشيخ أبو محمد المقدسي حفظه الله، وقد ألفه في عام 1410هـ، وسنه في ذاك الوقت 32 سنة تقريبا، والله أعلم - وبجهود بعض الشّباب المجاهد دخل هذا الكتاب أرض الجزيرة، وتداوله النّاس، وحاول بعض الأذكياء أن يقدمه هديّة لبعض الشّيوخ - شيخ عِلم لا شيخ عشيرة - ليطّلع عليه، ويفيد منه، وإذا كان له بعض الملاحظات لينتفع كاتبه بها فليذكرها، قال الراوي: دخلت على الشّيخ في مجلسه، وناولته الكتاب، نظر الشّيخ إلى طرّته (عنوانه) ، انتفض الشّيخ، أرغى وأزبد، شتم وقذف، غضب غضبة لم تعهد منه، ثمّ ركض إلى التّلفون قائلاً: الآن سأتّصل بوزارة الدّاخلية، وأخبر الوزير بهذا الكتاب ليقضي عليه، قام الحضور وهدّؤوا الشّيخ، وخفّفوا من غضبه، ومارسوا كلّ أصناف المهدِّئات حتّى سكن غضب الشّيخ، جلس الشّيخ على المقعد الوثير ثمَّ توجَّه إلى الحضور قائلاً: من كان منكم يعرف مؤلِّف الكتاب فليخبره أنِّي أحكم عليه أنَّه كافر بالله العظيم، قولوا له: إنَّك بتأليف هذا الكتاب كفرت بالله العظيم، قال الرّاوي: وجِم الحضور لهول المفاجأة، ودارت بهم رؤوسهم، لكنَّ ردَّهم لرشدهم شابٌّ جريء، هذا الشّابّ توجه لشيخ العلم، وعلَمَ الدّنيا سائلاً: شيخنا هل قرأت الكتاب من قبل؟ ردَّ الشَّيخ قائلاً: لا، لم أقرأه، ولا أريد قراءته! وانتهت الحكاية المرسلة... نعم إنَّها سلفيّة، ولكنَّها سلفيّة زادت إلى أركان الإيمان ركناً جديداً، هو الإيمان بكلِّ سلفيّ حتّى ولو كان كافرا، حتى لو كان هذا السَّلفيّ هو آل سعود، لأنَّ آل سعود من أصحاب: "العقيدة الصَّحيحة"، وتستطيع أن تنطقها: العكيدة الصّحيحة) اهـ بتصرف يسير. [3] من الأزمات الفكرية والعقدية التي تعيشها كثير من الجماعات العاملة للإسلام في هذا الزمان عقدة التفريق بين العدو الخارجي، والعدو الداخلي! فالعدو الخارجي يجب جهاده بكل ما يملكون من أسباب القوة ويلقى عند القوم كل حماس... بينما العدو الداخلي - مهما اشتد كفره وعداؤه للأمة - لا يجوز جهاده ولا حتى مجرد التفكير بمقاومته ورده عن عدوانه وإجرامه! فهم لا يستطيعون أن يستسيغوا وجود سوري يقاتل سورياً آخر، أو مصري يُقاتل مصرياً، أو فلسطيني يُقاتل فلسطينياً آخر أو سعودي يقاتل سعوديا آخر مع إنكارنا لهذه التسمية الدالة على التبعية والاستعباد... وإن كان هذا الآخر أكفر من اليهود والنصارى، وشره على البلاد والعباد أشد وأغلظ من شر اليهود والنصارى؟! وهذه مشكلة ضخمة - لها مساس بالعقيدة والتوحيد - لا بد من تجاوزها وحلها أولاً إن أردنا لهذه الأمة أن تنهض من كبوتها وتستأنف حياتها الإسلامية من جديد، وأن تُسترد الحقوق المغتصبة لأهلها وأصحابها الحقيقيين... وهي مشكلة كذلك تدل على أن كثيراً من العاملين لهذا الدين في هذا العصر لم يعرفوا بعد حقيقة وطبيعة هذا الدين العظيم، فضلاً عن أن يرتفعوا إلى مستوى متطلبات النهوض بتبعاته وواجباته العامة! [4] انظر "درء تعارض العقل والنّقل" لابن تيمية، مج: 2/ ص: 95 – 98
Posted on: Sun, 18 Aug 2013 09:58:34 +0000

Trending Topics



Recently Viewed Topics




© 2015