كفانا ترويجاً لثقافة الموت و - TopicsExpress



          

كفانا ترويجاً لثقافة الموت و الكراهية.. من ذا الذي يجادل في أن الأوطان لا تبنى بالكراهية و البغضاء و التعصب.. و الإنتقام و الثأرات التي لا تلد إلا كربلاء سوداء تغمر بسحائبها القاتمة مساحات التاريخ و الجغرافيا.. غير أن ما يحدث في بلادنا في الفترة الأخيرة و تحديداً ما حدث يوم (الجمعة الدامية الحزينة) في طرابلس هو أمر مؤلم بكلّ المقاييس و سقوط عشرات القتلى و مئات الجرحى من المتظاهرين العزّل بالرصاص امر يشكل في التوصيف القانوني (جريمة ضد الإنسانية) مهما كانت المبررات و التبريرات.. و من حق الليبيين جميعاً معرفة الحقيقة من خلال تحقيق قضائي عادل و هي مسؤولية جهات التحقيق القضائية و أي نكوص أو تقصير فيها جريمة خيانة لمسؤولية ( الأمانة على الدعوى الجنائية) و نكران العدالة و هو أمر لا يسقط بالتقادم و لا يغفره التاريخ ولا ضمير العدالة .. غير أن ما أود التعرض له اليوم .. هو تداعيات ما حدث و طبيعة ردود الأفعال من جميع الأطراف .. لقد أطلت علينا (فتنة بغيضة)و تعصب مقيت و رائحة جاهلية كريهة واجبنا جميعاً ان نتصدى لها و أن نبيدها و نمقتها و لا نسمح لها أن تلوث أجواء الود و الصفاء و المحبة التي تجمعنا .. و أنتِ .. يا طرابلس .. يا مدينتي الحبيبة .. يا من جئتك شاباً يافعاً ففتحتي لي حضنكِ الدافئ الحنون..تعلمتُ فيكِ معنى التحضر و ثقافة التمدين و علاقات ( الشارع و النادي و الحومة و الحي و المقهى) .. لا تعصب و لا جهوية تغمرين الجميع بالودّ و الحنان و تنثرين مشاتل الحب والوئام و التكاتف .. لا يُسأل فيك أحد من أين جاءت أصوله أو الى أي منطقة ينتمي .. يكفي أن يعيش بين جنبات جنائنك الزاهرة و مرابعك العامرة و محبتك الغامرة .. لا تسمحي يا طرابلس للأفاعي الرقطاء بأن تنفث سموم الفرقة و أدران (الهويات القاتلة) مدعّية غيرةً عليكِ و إنتماءاً لكِ و غايتهم نشر السم الزعاف مخلوطاً ببعض العسل الرائق!.. و يا مصراتة.. يا مسقط رأسي و مرتع طفولتي و يا موطن أهلي و أصدقائي و أحبائي .. يا من سطرتي تاريخاً ناصعاً في سفر الشرف و البطولة .. يا من قاومت المستعمر و المستبد لا تدعي فلّة من أبنائك الذين (تسربلوا بالأوهام و النرجسية و تورم الذات و المصالح الذاتية) أن يجرّوك الى ما لا يشرف تاريخك البهيّ .. إنني أعلم أن فيك رجالاً يرفضون ولا يسمحون أن يهدم حجرٌ واحد من صرحك الشامخ .. و أن فيك ذوي عقلٍ و حكمة و علماء أجلاء يعرفون معنى قول رسولنا الكريم أنصر أخاك ظالماً أو مظلوما و معنى إجابته صلّى الله عليه وسلم لبعض الصحابة الذين سألوه (ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً يا رسول الله ).. فقال: تنصروه بأن تردّوه عن ظلمه.. و يا أجهزة الإعلام البائسة المستباحة .. لا تصبّوا الزيت على النار ..لا تدعوا الفرصة لرؤوس الفتنة التي أطلّت بوجهها الكريه تذكي العصبيات القبلية ... و يا بعض من ترتادون مواقع التواصل الإجتماعي الذين تفكرون بأناملكم و تلغون عقولكم .. إتقوا الله في هذا الوطن فإن (معظم النار من مستصغر الشرر) و النار إذا إندلعت لا توفر أحداً.. و يا شعبنا الليبي الكريم.. هذه لحظة فارقة في تاريخنا الوطني .. لا مخرج ولا عاصم فيها إلا بالتصدي لثقافة الموت و الكراهية .. ولا شكّ عندي في أن شعباً توحّد و إتحد في وجه مستبد جائر لن يدع أولئك المتربصين و الواهمين بإرجاع عقارب الساعة الى الوراء بأن يطفئوا الفرح في عيون أطفاله و أن يخمدوا زغاريد البهجة في أفواه بناته و أن يخضعوا جباه رجاله.. إنها لحظة للعقل و الحكمة و التدبر و المسؤولية و لن يغفر لنا الله و لا التاريخ أي تردد أو نكوص أو ردّة لن ينجم عنها إلّا الخسران المبين للجميع دون إستثناء.. وقريباً بعون الله ستعود أسراب الحمائم الى ميدان الشهداء و السرايا الحمراء لا تفزعها زخات الرصاص ولا تجفلها قعقعة السلاح .. لتنام على وسائد الود و المحبة و دقات دفوف المالوف الطرابلسي الأصيل.. و ستعود مصراتة مدينة العزّ و الكبرياء بعد أن تعبر سحابة الغضب و العصبية و التشنج .. و ستعود قوافل تجارتها .. تذرع أرض ليبيا .. تسعى الى الرزق الحلال .. و تنسج وشائج المحبة و الخير .. من أجل بناء ليبيا الأمل و المستقبل الزاهر بعون الله .. أما أنت يا أخي و صديقي و جاري العزيز ( عبد الفتاح التير) نم في عفو الله و رحمته و في رحاب عدالة السماء بعد أن ظلمتك عدالة الأرض و لن يغادر الألم و الفجيعة و الفقدان قلبي الى أن ألقاك عند ربٍّ كريم...
Posted on: Tue, 19 Nov 2013 14:18:49 +0000

Trending Topics



Recently Viewed Topics




© 2015